علوم السنة النبوية، فيقصد من وراء اختيار
التعريف بحقيقته حتى يأخذ كل قارئ لكتبه ما يلزم من الحيطة والحذر حتى لا يتأثر بكل ما يكتب هذا الرجل.
ب- التنبيه إلى خطورة سلوك هذه الطرق الصوفية، لأن سالكها حتى وإن كان من المشتغلين فسيلقي علم الكتاب والسنة وراء ظهره ويعتنق العقائد الفلسفسية والنصرانية التي توارثوها من البسطامي والحلاج وابن الفارض وابن عربي والغزالي وابن سبعين والتلمساني.
أما النصوص التي نمثل بها من هذا الرجل فمن كتاب "جواب عبد الغني في حكم شطح الولي" لأنه من آخر ما كتب حيث كتبه قبل موته بأربع سنين فقط، ولا ريب أنه لم يكتبه إلا بعد أن قطع جميع المراحل الصوفية ولأنه كتب في الموضوع الذي نحن بصدده.
أما ظروف تحرير هذا الجواب فإن سؤالًا من أهل جاوا -من أقصى الهند- ورد إلى الملا إبراهيم الكوراني في سنة (١٠٨٦) جاء فيه:
"ماذا تقولون في قول بعض من أهل جاوة ممن ينسب إلى العلم والورع: أن الله نفسنا ووجودنا، ونحن نفسه ووجوده هل له تأويل صحيح كما قال بعض أهل جاوة، أم هو كفر صريح كما قال بعض العلماء الواردين إليها؟ ... فأجاب عليه الكوراني جوابًا لعله لم يعجب النابلسي فأجاب عليه جوابًا آخر بعد خمسين سنة من جواب الكوراني مما يؤكد أن قصده الرد عليه وإن لم يعلن ذلك حيث يقول في المقدمة: "وقد أجاب الملا إبراهيم المذكور عند ذلك عندما فتح له سالكا أحسن المسالك، ونحن الآن نجيب بما يفيض الله تعالى علينا من البيان ... ".
ومما ورد في هذا الجواب:
١ - قوله: "إن الله تعالى قال في القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ} [الفتح: ١٠] فقد أخبر تعالى أن نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هو الله تعالى وتقدس، وبيعته بيعة الله ويده التي مده هي يد الله، تعالى كما سمعت من الآية الشريفة".
٢ - قوله: تحت قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ رَأَى نَارًا فَقَال لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: ٨ - ١٢] "وهذا هو الهدى الذي كان يتوقعه موسى - عليه السلام - لمعرفته بأن الله يظهر حسب ما يريد، وما في العالم سواه".
٣ - قوله تحت قوله تعالى: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} [طه: ١٣]: "أي: وأنا اخترتك لنفسي بأن تكون أنا وكون أنا أنت. {فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} وهذا نظير حديث الإنسان الغافل لنفسه يحدثها وتحدثه". نلاحظ: أنه أحس بأن في الآية موحيًا وموحى إليه وهذا يقتضي الغيرية والاثنينية وينقض عقيدتهم فبادر من أجل ذلك إلى تأويله وتحريفه بهذا الأسلوب البارد.
٤ - وتحت قوله تعالى: {وَأَلْقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَينِي} [طه: ٣٩] يقول: (أي: على ذاتي فأظهر بك وتغيب أنت، وتظهر أنت