للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يقول أَبو بكر، فالإنسان مثلًا، يعتبر واحدًا مع أنه ينتقل من حال إلى أخرى، والإنسانية واحدة، مع أن بعض أفراد الإنسان كاملين في حين أن الآخرين ليسو كذلك. وبالمقابل فإن الصور العقلية وهي الصور العامة التي يظن أنها صورًا متعددة، هي في الواقع "واحدة" كما يؤكد ابن باجة، فالعقل وهو واحد يوحّد تجلياته أو صوره مهما كثرت، ومبدأ التوحد هذا مفصّل خير تفصيل في رسالة الاتصال، حيث يقول الفيلسوف الأندلسي:

وبالجملة فإن كان هنا عقل واحد بالعدد فالأشخاص الذين لهم مثل هذا العقل كلهم واحد بالعدد. كما لو أخذت حجر مغنطيس ولففته بمشعة فحرّك ذلك الحديد أو حديدًا آخر ثم لففته بزفت فحرك الحديد تلك الحركة ثم لففته بأجسام أخرى لكان تلك الأجسام المحركة كلها واحدًا بالعدد كالحال في ربّان السفينة كذلك هذا. إلا أنه لا يمكن في الأجسام أن يكون واحد منها في أجسام واحدة معًا في وقت واحد كما يمكن ذلك في المعقولات.

وبطريق وحدة العقل هذه يستطيع الإنسان أن يصل إلى درجة الخلود، ذلك أن الإنسان مكوّن من عنصرين. فهو جزئيًّا فاسد آني وهو جزئيًّا خالد غير فان. فكل ما هو مادي وما هو قائم على المادة فاسد آني، في حين أن الموجودات العقلية وحدها خالدة دائمة. وابن باجة يعبر عن وجهة نظره هذه بوضوح تام حيث يقول: "والنظر من هذه الجهة هو الحياة الآخرة".

وأَبو بكر لا يكتفي بالحديث عن طريقة واحدة يصل بها الإنسان، فهو يذكر طريقة أخرى بالإضافة إلى الأولى وهي مرتبطة بها متوقفة عليها، فالإنسان يحقق ضربًا من الخلود إذا ترك وراءه ما يذكر به الناس).

من أقواله: عيون الأنباء: "قال: الأشياء التي ينفع تعلمها بعد زمان طويل لا يضيع تذكرها.

وقال: حسن عملك تفز بخير من الله سبحانه" أ. هـ.

وفاته: سنة (٥٣٣ هـ) ثلاث وثلاثين وخمسمائة.

من مصنفاته: "تدبير المتوحد"، و"شرح كتاب السمع الطبيعي" الأرسطو طاليس، و"كتاب اتصال العقل بالإنسان" وغيرها.

٣٤٠٥ - أَبو عبد الله الخزرجي *

النحوي، المقرئ: محمّد بن يحيى بن إبراهيم بن محمّد بن أحمد بن عبد الله بن محمّد بن أحمد بن ثابت الأنصاري الخزرجي الغرناطي، أَبو عبد الله، يعرف بالجلَّاء.

ولد: سنة (٤٧٩ هـ) تسع وسبعين وأربعمائة.

من مشايخه: أَبو علي الغساني، وأَبو بكر بن عطية وغيرهما.

من تلامذته: أَبو علي بن أبي الأحوص وغيره.

كلام العلماء فيه:

* بغية الوعاة: "قال في تاريخ غرناطة: كان مقرئًا مجوِّدًا متحققًا بالنحو محدثًا حافظًا، فقيهًا فاضلًا، خطيبًا صالحًا زاهدًا، منقبضًا عن الناس" أ. هـ.


* بغية الوعاة (١/ ٢٦٠).