قدوة العصر في ذلك وتزايد اعتقاد النّاس فيه وألقيت محبته في القلوب وأطلق لسانه في القضاة، وحط على التقى بن تيمية فبالغ وتلقى ذلك عنه طلبة دمشق وثارت بسببه فتن كثيرة، وتصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع مزيد احتقاره لبني الدّنْيا وكثرة سبهم حتى هابه الأكابر، وانقطع في آخر وقته في زاوية بالشاغور وكتب بخطه الكثير قبل الفتنة، وجمع التصانيف المفيدة في الفقه والتصوف والزهد وغيرها.
وقال:"ترجمه بعضهم بالإمام العلامة الصوفي العارف بالله تعالى المنقطع إليه زاهد دمشق في زمانه الأمار بالمعروف النهاء عن المنكر الشديد الغيرة لله والقيام فيه الذي لا تأخذه في الحق لومة لائم وأنه المشار إليه هناك بالولاية والمعرفة بالله.
وذكره المقريزي في عقوده باختصار وقال إنه كان شديد التعصب للاشاعرة منحرفًا عن الحنابلة انحرافًا يخرج فيه عن الحد فكانت له معهم بدمشق أمور عديدة وتفحش في حق ابن تيمية وتجهر بتكفيره من غير احتشام بل يصرح بذلك في الجوامع بحيث تلقى ذلك عنه أتباعه واقتدوا به جريًا على عادة أهل زماننا في تقليد من اعتقدوه وسيعرضان جميعًا على الله الذي يعلم المفسد من المصلح ولم يزل على ذلك حتى مات عفا الله عنه" أ. هـ.
• طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة:"كان خفيف الروح منبسطًا له نوادر ويخرج إلى النزه ويبعث الطلبة على ذلك مع الدين المتين والتحري في أقواله وأفعاله وتزوج عدة نساء ثم انقطع وتقشف وانجمع وكل ذلك قبيل القرن ثم ازداد بعد الفتنة تقشفه وانجماعه وكثرت مع ذلك أتباعه حتى امتنع من مكالمة النّاس وصار يطلق لسانه في القضاة وأصحاب الولايات وله في الزهد والتقلل من الدّنْيا حكايات تضاهي ما نقل عن الأقدمين وكان يتعصب للأشاعرة وأصيب سمعه وبصره فضعف وشرع في عمارة رباط داخل باب الصغير فساعده النّاس بأموالهم وأنفسهم ثم شرع في عمارة خان السبيل ففرغ في مدة قريبة، زاد غيره أنه لما بناه باشر العمل فيه الفقهاء فمن سواهم حتى كان الحافظ ابن ناصر الدين كثير العمل فيه مع أنه ممن كان يضع من مقداره لرميه إياه باعتقاد مسائل ابن تيمية، وكراماته كثيرة وأحواله شهيرة" أ. هـ.
• معجم المفسرين:"فقيه شافعي، عارف بالحديث والتفسير ... نشأ وتعلم بدمشق وتوفي بها. وإليه تنسب (زاوية الحصني) في محلة الشاغور بدمشق" أ. هـ.
وفاته: سنة (٨٢٩ هـ) تسع وعشرين وثمانمائة.
من مصنفاته:"تفسير القرآن" آيات متفرقة من أول القرآن إلى سورة الأنعام في مجلد، وله "شرح صحيح مسلم" في ثلاث مجلدات، وله في التصوف مصنفات وغيرها.
٨٠٤ - الجِيتي *
اللغوي: أبو بكر بن عُثْمَان بن محمَّد الجيتي الحموي الحنفي، تقي الدين.