البخاري المسمى بالكواكب الدراري وناهيك بهذا جلالة مع صغر سن المجاز إذ ذاك ...
وكان إمامًا فقيهًا مفتيًا نظارًا علامة متقدمًا في فنون خصوصًا مذهبه فقد انفرد به وصار عالم أهله بلا مدافعة، كل ذلك مع الذهن المستقيم والطبع السليم، وكثرة التواضع والخلق الرضي والأبهة والوقار والفقد لإحدى كريمتيه، والتودد والقرب من الكل وسلوك طريق السلف، والمداومة على الأوراد والعبادة والتهجد والصيام، وكثرة البكاء والخوف من الله تعالى والحرص على شهود الجماعات والاتباع للسنة، وإحياء ليلة من كل شهر في جماعة بتلاوة القرآن وإهدائه، ذلك في صحيفة إمامه وغيره، مع إنشاد قصيدة يبتكرها في تلك الليلية غالبًا، وعظم الرغبة في العلم والمذاكرة والمحبة في الفائدة حتى إنه اعتنى بضبط ما يقع في مجالس الحديث ونحوها بالقلعة من المباحث، وشبهها أيام قضائه على ما بلغني وفتاويه مسددة وحواشيه في العلوم وسائر تعاليقه مفيدة ...
ذكره العلاء بن خطيب الناصرية فقال وهو صاحبي اجتمعت به مرارًا بالقاهرة وحلب، وتكلمت معه وهو رجل فاضل عالم دين فقيه جيد، ويكتب على الفتاوى كتابة حسنة مليحة، وأخلاقه حسنة وانفرد برياسة مذهب أحمد بالقاهرة، وقال ابن قاضي شهبة: سألت عنه الشهاب بن المحمرة، فقال: له فضل في الفقه والحديث وغيرهما، ثم اجتمعت به بدمشق فرأيته من أهل العلم الكبار يتكلم بعقل وتؤدة، مع حسن الشكالة، ولكنه مصاب بإحدى عينيه، ولم ير في زماننا أحسن من عبارته على الفتوى، وقال التقى المقريزي: إنه لم يخلف في الحنابلة بعده مثله. قال: ولا أعلم فيه ما يعاب.
وذكر نحو ذلك في عقوده، وأنه لم يزل منذ قدم الديار المصرية مصاحبًا له فما علمه إلا صوامًا قوامًا صاحب حظ من قيام وأوراد وأذكار، واتباع للسنة ومحبة لها ولأهلها، وصدر ترجمته أنه كان أول حنبلي ولي القضاء، حين عمل الظاهر بيبرس البندقداري القضاة أربعة الشمس محمّد بن إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي، بل كان أول من درس المذهب الحنبلي بالمدارس الصالحية، وأما قبله فكان في تقليد الشرف أبي المكارم محمّد بن عبد الله بن عين الدولة بن أبي المجد بن عين الدولة الشافعي لقضاة مصر من الكامل أنه لا يستنيب لكثرة نسكه، ومتابعته للسنة إلا أنه ولي القضاء فالله يرضي عنه أخصامه" أ. هـ.
وفاته: سنة (٨٤٤ هـ) أربع وأربعين وثمانمائة.
من مصنفاته: حواشي على "تنقيح الزركشي" في الحديث، وفروع ابن مفلح والوجيز وغير ذلك.
٦٣٠ - ابن مَنْصُور المخْزُومي *
النحوي، اللغوي: أحمد بن الشيخ الصالح أبي المعالي هبة الله بن العلاء بن منصور المخزومي البغدادي، المعروف والده بالزاهد، ببغداد.
* تاريخ الإسلام (وفيات ٦١١) ط. بشار، معجم الأدباء (٢/ ٥٢٨)، التكملة لوفيات النقلة (٢/ ٣٠٤ - ٣٠٥)، بغية الوعاة (١/ ٣٩٤)، الكامل (١٢/ ٣٠٥)، إنباه الرواة (١/ ١٣٨)، الوافي (٨/ ٢٢٣)، المختصر المحتاج إليه (١/ ٢٢٤).