مكان حتى وصل إلى خدمة الحكيم إسحاق وحصل عنده بعض العلوم سيما الطب ... إلى أن حصّل من العلوم الآلية القدر الصالح مع الانشغال بمصالح بيته كل ذلك بعد ما ظهر البياض في لحيته ثم ترقى إلى المقاصد والمسائل وتتبع الكتب والرسائل وطالع الأحاديث والتفاسير، وفاز بالحظ الأوفى في الزمان اليسير وحرر عدة من الرسائل، فحقق فيها كلام بعض الأماثل، وحقق ما قاله النبي الأمجد من طلب شيئًا وجَدّ وَجَدْ.
كان رحمه الله من العلماء العاملين مع كمال الورع والتصلب في الدين آية في الزهد والتقوى، متمكسًا من الشريعة الشريفة بما هو أحكم وأقوى، مشاركًا في العلوم العقلية متبحرًا في العلوم الشرعية النقلية مهتمًا بالنظر في كتب أرباب الاجتهاد ومن دونهم ممن جمع لهم التقليد والرشاد، وكان يفسر القرآن الكريم وينتفع بمجلسه خلق عظيم، وكان رحمه الله تعالى في أول أمره معرضًا عن أبناء الدنيا، قانعًا بكسبه من جهة طبابته فاتفق أنه ابتلى بعض الأمراء بالأمراض الهائلة، فراجع المرحوم في ذلك فعالجه وانتفع به، فاستشفع له وسعى في حقه حتى عين له وظيفة من بيت المال فاستجداه طبعه واستلذه نفسه من حيث لم يدر أن السم في الدسم فخالط الأمراء وتقرب لهم بالطب، فاتفق أنه أمر فرهاد باشا في أثناء ما ذكر بأكل المعجون المعروف بمثرود بطوس، فأكله ومات بعد أيام قلائل بعلة الزحير فاتهم الطبيب المزبور، وقيل: إنه سمه في ذلك المعجون بإشارة الوزير محمد باشا فدخلت زوجته إلى السلطان وطلبت الثأر، وهمت بقتل الطبيب المسفور، فأخذ وحبس أيامًا ثم أخرج وفتش فلم يثبت عليه شيء، واستشفع في خلاصة المفتي وبعض العلماء والصلحاء فأطلق، فاجتمع عدة من خدام فرهاد باشا وترصدوا له يومًا في باب داره ولما خرج رحمه الله صبيحة ذلك اليوم إلى صلاة الصبح هجموا عليه، وضربوه بسكاكين وجرحوه عدة جراحات وبقروا بطنه فمات رحمه الله من وقته، وهربت القتلة ولما وقف السلطان على ذلك غضب على جميع خدام فرهاد باشا، فأخذ منهم ستون نفرًا وصلب منهم عشرة أشخاص منهم الزعيم ابن أخي فرهاد باشا، ونفي الباقون عن البلد فسبحان من جعل لكل شيء حدًّا" أ. هـ.
* معجم المفسرين: "رحل في طلب العلم، فشهر بالطب، ثم برع في التفسير وتصدر لتدريسه، فانتفع به كثيرون، واستمر إلى أن مات قتيلًا .. " أ. هـ.
وفاته: سنة (٩٨٢ هـ) اثنتين وثمانين وتسعمائة.
٧٥٧ - الغافقي الجيّاني *
المقرئ: إليسع بن عيسى بن حزم بن عبد الله بن اليسع، أبو يحيى الغافقي الأندلسي الجياني.
من مشايخه: أبوه، وأبو العباس القصبي، وأبو
* معرفة القراء (٢/ ٥٤٤)، غاية النهاية (٢/ ٣٨٥)، تكملة الصلة (٤/ ٢٣٧)، تاريخ الإسلام (وفيات ٥٧٥) ط. تدمري , ميزان الاعتدال (٧/ ٢٧٠)، العبر (٤/ ٢٢٢) , الشذرات (٦/ ٤١٣)، السير (٢٠/ ٥٥٣) دون ترجمة، لسان الميزان (٦/ ٣٨٨)، كشف الظنون (١/ ٣٠٦)، هدية العارفين (٢/ ٥٣٦)، المُغرب في حلي المغرب (٢/ ٨٨).