وفي مقابل ذلك تجد صاحب العاطفة المتطرفة التي تسيطر عليه عاطفته يذم بإطلاق ويبخس الناس أشياءهم، ويتحرى السقطات والزلات، وقد لا يرى المحاسن والفضائل.
وهذا لا يعني أبدًا أنه لا وجود لعلماء كتبوا في فن الترجمة كتبًا حافلة مليئة بالعدل والإنصاف كالإمام الطبري في تاريخه والإمام ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية" والذهبي في كتابيه "سير أعلام النبلاء" و "تاريخ الإسلام"، ومع هذا فقد تعرض للذهبي تلميذه السبكي بأنه منحاز للحنابلة -ولم يصب- فالذهبي من الأئمة المعتدلين ومن الذين شهد لهم أهل العلم بالإنصاف، والسبكي رحمه الله نفسه بتبنيه للأشعرية ذم أصحاب شيخ الإسلام ابن تيمية وكل ذي توجه سلفي، حتى أصبح هذا معروفًا عن السبكي.
وأصحاب كتب التراجم أنواع، فمنهم من يبدع في هذا الفن، رغم أنه قد يعتمد على معلومات غيره إلا أنه يضيف أشياء إلى الترجمة ويحلل مواقف كثيرة، وقد يكون بعد ذلك منصفًا أو لا يكون.
ومنهم من يكون همّه جمع شتات حياة العالم من هنا وهناك دون نقد للروايات حول حياة العلَم مثال ذلك تاريخ ابن عساكر، ورغم أن أمثال هذهِ المؤلفات يوفر أشياء كثيرة لا يستهان في ترجمة عَلَم ما.
ومنهم من ليس له أي نوع من الإبداع سوى جمع كم من التراجم تحت شاكلة معينة وهؤلاء كُثر، بل إن أغلب مَنْ كتب في علم التراجم هو من هذا النوع والذين أبدعوا هم القلة.
ومن المترجمين من كتب في تراجم بلد معين فلم نجد أحدًا نافسه فأصبح الجميع عيال عليه إلى غير ذلك من النماذج المختلفة في ذلك.
[منهجنا في إثبات عقيدة المترجم لهم]
المشاركون في هذا العمل جميعًا كلهم على عقيدة أهل السنة والجماعة ومعتقد السلف الصالح في الأسماء والصفات والإيمان والقدر وغيرها. لذلك فكل استدراكنا واعتراضنا على عقيدة العلم وفق ما نعتقده وندين الله به، ومع هذا فلم نقول أو نحمل العلم أي تفسير لعقيدته من فهمنا، بل أدرجنا كلماتهم ونقولاتهم بنصها وحرفها ونقلنا البحوث المكتوبة حوله كذلك، ثم علقنا عليها فمن وجد كلامنا يخالف معتقده ومنهجه فقد أثبتنا له عقيدته كما هي، ولعل في هذا من العدل والإنصاف ما يجعل مثل هذه الموسوعة مقبولة عند الجميع، وقد وجه بعض من بلغه العمل في موسوعتنا نقدًا بسبب تطرقنا لموضوع حساس ألا وهو عقائد الأعلام، فقد درج كثير من الباحثين المعاصرين تجنب الكلام حول العقائد إما إرضاءًا