للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويأنس بهم، ذلك أنه نفسه أصبح متصوفًا ولبس الخرقة من شيخه عبد الوهاب بن سكينة ولعل مثالًا واحدًا يكفي في تبيان مدى تحمسه للصوفية، فقد كان هناك شيخ اسمه حماد بن مسلم الرحبي الدباس "يدعي المعرفة والمكاشفة وعلوم الباطن وكان عاريًا من علوم الشريعة، ولم ينفق إلا على الجهال وكان ابن عقيل ينفر الناس عنه" -هذا ما قاله ابن الجوزي في المنتظم، ولكن سبطه اتخذ موقفًا آخر فحمل على ابن عقيل حملة قوية قائلًا: "أما تعرّض ابن عقيل لهذا العبد الصالح، فلو ستر ابن عقيل نفسه كان أصلح، فإن الرجل كان من الأبدال وقد أدركت جماعة من الأكابر يحكون عن الشيخ عبد القادر عن حماد من الكرامات ما يشبه التواتر"، وهكذا تضاءل ابن عقيل الفقيه الكبير ليرتفع صوفي.

وليس الحديث عن أبي المظفر الواعظ إلا حديثًا عن جانب واحد من ضروب مهارته، فقد كان الرجل ذا مشاركة في علوم جمة محدثًا مفسرًا عارفًا بالفقه والنحو واللغة، محبًا للشعر، يحفظه ويستنشد أصحابه، ويأخذ إجازاتهم له، وكان معجبًا بشعر الطغرائي، واطلع على دواوين عديدة، ووقف بمصر على ديوان ابن الكيزاني المتصوف فوجده مليح العبارة فيه رقة وحلاوة وعليه طلاوة، وكان كثير المطالعة والاطلاع على المؤلفات في شتى العلوم، طالع في بغداد في وقف المأمونية نحوًا من سبعين مجلدًا من كتاب الفنون لابن عقيل، وغير ذلك من الكتب، وبهذه المعارف استحق أن يكون مدرّسًا، فهو لم يكن واعظًا وحسب في مسجد الجبل ومسجد دمشق بل تسلم مهمات التدريس في عدد من مدارس تلك المدينة، فإلى جانب الشبلية التي تقدّم ذكرها درّس في العزية البرانية التي بناها الأمير عز الدين أيبك أستاذ دار المعظم، وفوض إليه الأمير عز الدين أيبك (سنة ٦٤٥) النظر في أوقافه ومدارسه وأبواب البر، على كره منه وحياء من عز الدين، في العام نفسه، قال أبو المظفر: "وكنت قد عزيت له على نقله إلى دمشق ودفنه في تربته، فأتاح الله بعض مماليكه فحملناه في تابوت ودفناه في قبة بين العلماء والمحدثين والفقراء". كما فوض إليه أيضًا التدريس في البدرية التي تقع قبالة الشبلية، وكان يسكن فيها، وكثيرًا ما كان يرى في آخر عمره وهو يركب الحمار من منزله بالجبل إلى مدرسته" أ. هـ.

وفاته: سنة (٦٥٤ هـ) أربع وخمسين وستمائة.

من مصنفاته: "مرآة الزمان في تاريخ الأعيان" مطبوع المجلد الثامن منه وهو آخره، و"اللوامع" في الحديث، وكتاب في "تفسير القرآن" قال اليافعي: تسعة وعشرون مجلدًا، وغيرها.

٣٨٤٢ - الوكيل *

المقرئ: يوسف بن المبارك بن محمّد بن أبي شيبة، أبو القاسم البغدادي، الخياط الوكيل.

من مشايخه: أبو الخطاب عليّ بن عبد الرحمن بن الجراح، وأبو العز القلانسي وغيرهما.

من تلامذته: قرأ عليه جماعة منهم علي بن أحمد بن الدباس، وابن الأخضر وغيرهما.


* معرفة القراء (٢/ ٥٣٠)، تاريخ الإسلام (وفيات ٥٧٠) ط. تدمري، ميزان الاعتدال (٧/ ٣٠٤)، غاية النهاية (٢/ ٤٠٢)، لسان الميزان (٦/ ٤٢٣).