"والاضطراب في تاريخ وفاته شديد. فبينما يذكر بروكلمان أنه توفي عام (٥٠٢ هـ) الموافق (١١٠٨ م)، ويتبعه في ذلك أغلب المراجع الحديثة، يذكر صاحب الكنى والألقاب أنه توفي عام (٥٦٥ هـ). وكذلك ينقل صاحب روضات الجنات عن تاريخ أخبار البشرية، ولكن صاحب أعيان الشيعة يخطئه في هذا التاريخ، لأنه يجد أن الخوانساري ذكر أن وفاة الراغب قد كانت قبل وفاة جار الله الزمخشري الواقعة في (٥٣٨) للهجرة. ويذكر صاحب كشف الظنون أن الغزالي كان يستصحب كتاب الذريعة (وهو أحد كتب الراغب) دائمًا ويستحسنه لنفساته، وهذا يعني أن الراغب قد توفي حتمًا قبل ٥٠٥ هـ بعشرات السنين. فهل نأخذ بما قال صاحب البرهان في علوم القرآن "من أن الراغب قد توفي عام ٣٩٦ هـ"، أي بعد وفاة الصاحب ابن عباد بحوالي عشر سنوات؟ وهو الوزير الذي أكثر الراغب من ذكره في مؤلفاته في الأدب واللغة؟ وذكره له ولأقواله يدل على أن بين وفاة الرجلين أكثر من عقد من الزمان، لا يكفى لانتشار أقوال رجل مهما كانت شهرته السياسية، وهنا نجد أننا نميل إلى الأخذ بقول القائل أن الراغب كان في رأس المائة الخامسة للهجرة. أما من حدد وفاته بعام (٤٠٢ هـ)، أو بعام (٤٠٦ هـ)، فهي افتراضات لا تبعد عن الحقيقة، وإن كنا لا نستطبع الجزم بها. وربما ساعدتنا أمور كثيرة على تزكية هذه الفترة تاريخًا لأيام حياة الراغب الأخيرة، منها مثلًا أنه يروى الكثير من أشعار المتنبي (٣٥٤ هـ) ولم يرو ولو بيتًا واحدًا لحكيم المعرة الذي توفي عام ٤٤٧ هـ". ثم رجح الدكتور عمر الساريسي أحد الآراء في وفاته قائلًا (ص ١٩): وقد قادني البحث في عصر الراغب أن أرجح الرأي القائل أنه أدرك المائة الخامسة للهجرة على القول الآخر بأنه توفي عام ٥٠٢ هـ. وقد أيدني في ذلك باحث ومحقق كبير هو الأستاذ إحسان عباس، وباحث آخر أيضًا" أ. هـ. قلت: الباحث هو: الأستاذ محمّد عدنان الجوهري في "مجلة مجمع اللغة العربية" بدمشق، مجلد (٦١) الجزء الأول (١٩٦٨ م) (ص ١٩١). والله تعالى الموفق. * المنتظم (١٧/ ٢٥٩)، معجم الأدباء (١/ ١١٤١)، إنباه الرواة (١/ ٣٢٨)، وفيات الأعيان (٢/ ١٨١)، بغية الوعاة (١/ ٥٣٩)، الشذرات (٦/ ١١٤)، روضات الجنات (٣/ ١٥٩)، الأعلام (٢/ ٢٥٥)، معجم المؤلفين (١/ ٦٣٩)، غاية النهاية (١/ ٢٥١)، البداية والنهاية (١٢/ ٢١٦)، النجوم (٥/ ٢٣٦)، معرفة القراء (١/ ٤٧٦)، الوافي (١٣/ ٣٣).