للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وسارت على بصيرة وهدى .. وبعضها مختلط متخبط، يخلط الحسن بالسيء والجمي بالقبيح .. وبعضها شر محض لا خير فيه!

من الخير إذن أن يكون للتصوف حساب خاص به .. فما كان فيه من خير فهو من الإسلام وإلى الإسلام، وما كان من شر فلن يضاف إلى هذا الدين ولن يحسب عليه".

* قلت: عند مراجعتنا لتفسيره "التفسير القرآن للقرآن" لاحظنا أنه تفسير شامل لكل القرآن الكريم حيث يورد الآية أو مجمعة الآيات ثم يفسرها ويحاول ربطها بالواقع والعلم الحديث.

وعند ملاحظتنا لآيات الصفات لاحظنا أنه يسلك مسلك المتأخرين، حيث نراه يفسر بعض الصفات كما فسرها السلف الصالح من هذه الأمة وفي بعضها يسلك مسلك المفوضة وتارة يؤول بعض الصفات كما تفعل الأشاعرة، وتارة يؤول كما أوّل النظر إلى الله بالنظر إلى رحمة الله سبحانه وتعالى وغير ذلك.

وإليك بعض المواضع التي أوّل فيها:

١ - سورة القلم (٥/ ١١١٠): {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} هو كناية عن يوم القيامة وما فيه من شدائد وأهوال .. فإن العادة قد جرت أنه حين يشتد الأمر يشمّر الإنسان عن ساقه، حتى لا تعوقه ملابسه عن الحركة والجري في مواجهة الشدائد أو الفرار منها .. وفي هذا يقول الشاعر:

قد شمّرت عن ساقها فشُدّوا ... وجدّت الحرب بكم فجدوا

٢ - سورة القيامة (٥/ ١٣٣٨): " {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} أكثر المفسرون في المقولات التي تقال في تأويل الوجوه الناظرة إلى ربها، وهل في الإمكان رؤية الله؟ إن الرؤية معناها تحديد المرئي وتجسيده، والله سبحانه منزه عن التحديد والتجسيد .. فكيف يمكن رؤيته؟

وهذه القضية استنفدت كثيرًا من جهد العلماء، من المتكلمين وأهل السنة، ولو أنصف هؤلاء وهؤلاء عقولهم لأمسكوا بها عن الخوض في لجج هذا البحر الذي لا سالح له، فإن عقولنا تلك إنما خلقت لهذا العالم الأرضي، ولكشف ما فيه من حقائق، أما عالم الآخرة فعقولنا بمعزل عنه، فكيف بذات الله سبحانه وتعالى، وكيف بعقولنا المحدودة القاصرة يُراد لها أن تحتوي هذا الجلال الذي لا حدود له، والذي وسع كرسيه السماوات والأرض؟

ولهذا، فإن خير ما يُحمل عليه قوله تعالى: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} هو ما ذهب إليه السلف من أن المراد بالنظر إلى الله، هو النظر إلى رحمة الله والطمع في رضوانه (١)، والتعلق بالرجاء فيه، في ذلك اليوم الذي ينقطع فيه كل رجاء إلا منه جلا وعلا .. وهذا النظر إلى رحمة الله لا يختلف عن معنى الرغبة إلى الله، والرجوع إليه، كما يقول


(١) قلت: هل القول في النظر إلى الله سبحانه وتعالى يوم القيامة ليس قول السلف كلما قال صاحب الترجمة، أما قول السلف فهو الذي نقله ابن كثير في تفسيره (٤/ ٤٧٥) حيت قال: " {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} أي تراه عيانًا كما رواه البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه (إنكم سترون ربكم عيانا) وقد ثبتت رؤية المؤمنين لله عزَّ وجلَّ في الدار الآخرة في الأحاديث الصحاح من طرق متواترة عن أئمة الحديث لا يمكن دفعها ولا منعها" أ. كل. قول ابن كثير.
ثم أرود بعد ذلك أحاديث تثبت تلك الرؤية، والله أعلم.