القرآن لاحتمالين قالهما صاحب الرسالة:
أولها: أنه لم يملك الأدوات، ولم يكن فارس هذا الميدان.
ثانيهما: أنه كان متأثرًا بفكر العلماء أثناء إقامته في السعودية عندما عمل مدرسًا في جامعة الرياض إذ أن علمائهم يرتضون مذهب ابن تيمية ويأخذون بآرائه ..
وتكلم صاحب الرسالة عن الخطيب في موقفه عن أسباب النزول (ص ٦٤) وكيف يحلل السور المكية منها والمدنية عن أسس السياق القرآني في قراءة السور، وهذا رد عليه صاحب الرسالة وجعله موقفًا خطيرًا -وهو كذلك- لأن أسباب النزول تأخذ من الرواية والنقل الصحيح.
والآن ننقل لك عزيزي القارئ بعض المقتطفات في الرسالة، نوضح بها معتقده ورأيه في بعض مسائل الشرع، ففي مسألة الأسماء والصفات، وبالذات في معنى الاستواء والرؤية قال صاحب الرسالة (ص ٨١): "نرى أن الأستاذ الخطيب لم يكن مستقرًا على رأي واحد في مسألة الاستواء فمرة يفوض مؤيدًا في ذلك عقيدة السلف ومرة يحمل الاستواء على حقيقته ومرة يفسر الاستواء بمعنى الاستيلاء وهو رأي المعتزلة وبعض المتكلمين وقد حملوا العرش على معناه والاستواء بمعنى الاستيلاء.
قلت: إن مذهب السلف ليس هو التفويض كما زعم صاحب الرسالة ولكن مذهبهم هو إثبات الاستواء لله سبحانه على ما يليق به كما أخبر من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل وكما قال الإمام مالك الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.
وفي مسألة الرؤية قال (ص ٨٦): "ينكر الخطيب رؤية الله عزَّ وجلَّ ويقول إن هذه القضية قد استنفدت كثيرًا من جهد العلماء من المتكلمين وأهل السنة ولو أنصفت هؤلاء عقولهم لأمسكوا بها عن الخوض في لجج هذا البحر الذي لا ساحل له.
ويميل مع الرأي يقول إن النظر المقصود به النظر إلى رحمة الله والطمح في رضوانه والتعلق بالرجاء فيه في ذلك ثم يقول ولهذا فإن خير ما يحمل عليه قوله تعالى: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} هو ما ذهب إليه السلف من أن المراد بالنظر إلى الله هو النظر إلى رحمة الله، والصحيح أن السلف قد اختلفوا في الرؤية على ثلاثة أقوال:
الرأي الأول: وهو إنكار الرؤية في الدنيا وهذا الرأي هو رأي عائشة وابن مسعود وأبي هريرة وقالت السيدة عائشة من رواية مسروق كما هو في صحيح مسلم: "من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية".
الرأي الثاني: وهو رأي ابن عباس وهو يجوز رؤية سيدنا محمّد لربه.
قال ابن عباس: أما نحن بنو هاشم فنقول إن محمدًا رأى ربه مرتين.
ويقول ابن عباس: قال أبيّ بن كعب والحسن وابن مسعود كما حكَاه بعض المتكلمين وقد قال عكرمة وفي قول عن أبي هريرة وحكى عن أحمد بن حنبل وقد قال أنا أقول بحديث ابن عباس