العقيدة يستلزم الإيمان بعدة أمور كلها متنافية مع العلم والعقل.
وقد سار مع هذه عقيدة التناسخ - الشيعة الإمامية وتمسكوا بهذا الرأي لأنهم يعتقدون برجعة الإمام أبو القاسم محمّد بن الحسن وطائفة منهم تدين بالرجعة ويتأولون هذه الرجعة بأنها رجوع الدولة والأمر والنهي إلى آل البيت وليست رجوع أعيان الأشخاص.
ثم يخلص الخطيب إلى نتيجة وهي أن القول بالناسخ أو القول بالرجعة إنما هو توكيد لفكرة البعث وضرورته وأن البعث لا بد منه لينال المحسن جزاء إحسانه وينال المسيء جزاء إساءته، وما كانت فكرة التناسخ إلا من قبيل اعتساف العقل الإنساني وتخبطه وقبوله لفرضيات لا يجد له عليها شاهدًا أو دليلًا والحقيقة أن هذا الموقف ينبغي أن يسجل للخطيب في تفسيره".
رأي الخطيب بيوم القيامة:
يرى الخطيب أن الانقلاب الشامل الذي يحدث يوم القيامة لا يقع على الموجودات من أرض وجبال وبحار وسماء ونجوم وشموس وأقمار وإنما يحدث هذا الانقلاب في الإنسان نفسه حيث تتغير طبيعته بعد البعث ويصبح له من القوى في حواسه أضعاف أضعاف ما كان له في حياته وهذا الكلام خطير وغير مقبول لأنه يصادق ويناقض بعض النصوص التي تصرح بخراب هذا الكون وتصرح كذلك بأن الإنسان يبعث بجسده ولكن هذا الرأي من الخطيب يسير جنبًا إلى جنب مع عقيدته التي تميل إلى البعث الروحي.
يقول الخطيب: "إن هذه التغير ليست واقعة على الموجودات من أرض وجبال وبحار ومن سماء ونجوم وشمس وقمر، وإنما التغير الذي يحدث هو في الإنسان المتلقي لهذه الموجودات حيث تغيرت طبيعته بعد البعث وأصبح له من القوى في حواسه ومدركاته أضعاف ما كان له في حياته الأولى.
قال البخاري (يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجًا) حدثنا محمّد حدثنا معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما بين النفختين أربعون. قالوا: أربعون يومًا؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون شهرًا. قال أبيت. قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت. قال ثم ينزل الله من السماء ماءً فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظمًا واحدًا وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة.
وهذا الحديث كفيل بالرد على الخطيب في رأيه الزائغ حول يوم القيامة، ويستشهد الخطيب على كلامه برأي الإمام محمّد عبده إذ يقول: يتغير في ذلك اليوم يوم القيامة نظام الكون فلا تبقى أرض على أنها تقل ولا سماء على أنها تظل بل تكون السماء بالنسبة للأرواح مفتحة الأبواب بل تكون أبوابًا فلا يبقى علو ولا سفل ولا يكون مانع يمنع الأرواح من السير حيث تشاء إلى أن يقول والآخرة عالم آخر غير عالم الدنيا الذي نحن فيه فنؤمن بما ورد به الخبر في وصفه ولا نبحث عن حقائقه ما دام الوارد غير محال .. ولا شك أن امتناع السماء علينا إنما هو لطبيعة أجسامنا في هذه الحياة الدنيا أما النشأة الأخرى فقد تكون السماء بالنسبة لنا أبوابًا ندخل من أيها شئنا بإذن الله.