الجنة متقلبه ومآبه. لما كان هذا الكتاب كما وصفت، أحببت أن أنتخب من غرر فوائده. ودرر فرائده، وزواهر نصوصه، وجواهر فصوصه، مختصرًا جامعًا لمعاني التفسير، ولباب التأويل والتعبير. حاويًا لخلاصة منقوله: متضمنًا لنكته وأصوله، مع فوائد نقلتها، وفوائد لخصتها من كتب التفسير المصنفة، في سائر علومه المؤلفة، ولم أجعل لنفسي تصرفًا سوى النقل والانتخاب، مجتنبًا حد التطويل والإسهاب، وحذفت منه الإسناد لأنه أقرب إلى تحصيل المراد فما أوردت فيه من الأحاديث النبوية والأخبار المصطفوية، على تفسير آية أو بيان حكم -فإن الكتاب يطلب بيانه من السنة وعليها مدار الشرع وأحكام الدين- عزوته إلى مخرجه، وبينت اسم ناقله، وجعلت عوض كل اسم حرفًا يعرف به، ليهون على الطالب طلبه، فما كان من صحيح أبي عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري فعلامته قبل ذكر الصحابي الراوي للحديث (خ) وما كان من صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابورى فعلامته (م). وما كان مما اتفقا عليه فعلامته (ق). وما كان من كتب السنن، كسنن أبي داود والترمذي، والنسائي فإني أذكر اسمه بغير علامة. وما لم أجده في هذه الكتب ووجدت البغوي قد أخرجه بسند له انفرد به. قلت: روى البغوي بسنده وما رواه البغوي بإسناد الثعلبي. وما كان فيه من أحاديث زائده وألفاظ متغيرة فاعتمده؛ فأنى اجتهدت في تصحيح ما أخرجته من الكتب المعتبرة عند العلماء كالجمع بين الصحيحين للحميدي، وكتاب جامع الأصول لابن الأثير الجزري، ثم أني عوضت عن حذف الإسناد شرح غريب الحديث وما يتعلق به؟ ليكون أكمل فائدة في هذا الكتاب، وأسهل على الطلاب، وسقته بأبلغ ما قدرت عليه من الإيجاز وحسن الترتيب، مع التسهيل والتقريب. وينبغي لكل مؤلف كتابًا في فن قد سبق إليه. أن لا يخلو كتابه من خمس فوائد: استنباط شيء إن كان معضلًا. أو جمعه إن كان متفرقًا. أو شرحه إن كان غامضًا. أو حسن نظم وتأليف. أو إسقاط حشو وتطويل وأرجو أن لا يخلو هذا الكتاب عن هذه الخصال التي ذكرت، وسميته، (لباب التأويل في معاني التنزيل) أ. هـ. ثم قدم الخازن لتفسيره بخمسة فصول: الفصل الأول: في فضل القرآن وتلاوته وتعليمه. الفصل الثاني: في وعيد من قال في القرآن برأيه من غير علم، ووعيد من أوتي القرآن فنسيه ولم يتعهده. الفصل الثالث: في جمع القرآن وترتيب نزوله، وفي كونه نزل على سبعة أحرف. الفصل الرابع: في كون القرآن نزل على سبعة أحرف وما قيل في ذلك، الفصل الخامس: في معنى التفسير والتأويل. ثم ابتدأ بعد ذلك في التفسير.
توسعه في ذكر الإسرائيليات:
وقد قرأت في هذا التفسير كثيرًا فوجدته يتوسع في ذكر القصص الإسرائيلي وكثيرًا ما ينقل ما جاء من ذلك عن بعض التفاسير التي تعني بهذه الناحية كتفسير الثعلبي وغيره، وهو في الغالب لا يعقب على ما يذكر من القصص الإسرائيلي، ولا ينظر إليه بعين الناقد البصير، وإن كان في بعض المواضيع لا يترك القصة تمر بدون أن يبين لنا ضعفها أو كذبها، ولكن على ندرة.