للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الحياء هو التغيير الذي يلحق الإنسان من خوف أن ينسب إليه ذلك الفعل القبيح، ونهايته، ترك ذلك الفعل القبيح، فإذا ورد وصف الحياء في حق الله تعالى، فليس المراد منه بدايته وهو التغير والخوف بل المراد منه ترك الفعل الذي هو نهاية الحياء وغايته فيكون معنى أن الله لا يستحيي أن يضرب مثلًا أي لا يترك المثل لقول الكفار واليهود (١). انظر الرد على القرطبي.

صفة الاستواء:

قال عند قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}.

وأما استوى بمعنى استقر، فقد رواه البيهقي في كتاب الأسماء والصفات بروايات كثيرة عن جماعة من السلف، وقال: أما الاستواء فالمتقدمون من أصحابنا كانوا لا يفسرونه، ولا يتكلمون فيه كنحو مذهبهم في أمثال ذلك.

وروى بسنده عن عبد الله بن وهب أنه قال: كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل فقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استواؤه؟ قال: فأطرق مالك وأخذته الرحضاء ثم رفع رأسه فقال: الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه ولا يقال له كيف، وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه (٢). فأخرج الرجل.

وفي رواية يحيى بن يحيى قال: كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استواؤه؟ فأطرق مالك برأسه حتى علته الرحضاء ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعًا فأمر به أن يخرج.

وروى البيهقي بسند عن ابن عيينة قال: كل ما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عنه (٣).

قال البيهقي: والآثار عن السف في مثل هذا كثيرة، وعلى هذه الطريقة يدل مذهب الشافعي رضي الله عنه وإليه ذهب أحمد بن حنبل والحسن الفضل البجلي، ومن المتأخرين أبو سليمان الخطابي.

قال البغوي: أهل السنة يقولون: الاستواء على العرش صفة الله بلا كيف يجب على الرجل الإيمان به، وبكل العلم به إلى الله عزَّ وجلَّ وذكر حديث مالك بن أنس مع الرجل الذي سأله عن الاستواء وقد تقدم.

وروى سفيان الثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك وغيرهم من علماء السنة في هذه الآيات التي جاءت في الصفات أقرؤها كما جاءت بلا كيف، ثم ذكر قول الرازي الذي ذكر في تفسيره والذي نقلناه في الكلام عليه (٤).

واختلف الناس في كلام الله تعالى، فقال


(١) تفسير الخازن: (١/ ٤٢).
(٢) تفسير الخازن: (٤٠٨).
(٣) تفسير الخازن: (٤٠٩).
(٤) تفسير الخازن: (٢/ ٢٣٨).