وبين يديه ثلاث كتب يريد أن يختمها، وبين يديه بطيخ كثير، فجاء رسول إسحاق ينجز الكتب، فقال لي المتوكل: يا علي، مَنْ محمّد بن شجاع هذا؟ فقد ألح عليّ إسحاق في سببه! فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا من أصحاب بشر المريسي. فقال: ذلك! وقطع الكتاب؟ فانصرف الرسول، فجاء إسحاق فقمت إليه فرأيت الكراهية في وجهه، فكان ذلك سبب تسييري إلى اسبيجاب.
وجعل ابن الثلاج يقول: أصحاب أحمد بن حنبل يحتاجون أن يُذبحوا. وقال لي أحمد بن حنبل مرة: قال لي حسن بن البزاز: قال لي عبد السلام القاضي: سمعت ابن الثلاج يقول: عند أحمد بن حنبل كتب الزندقة.
وروى المروزي: حدثنا أبو إسحاق الهاشمي، سمعت الزيادي يقول: أشهدنا ابن الثلاج وصيته، وكان فيها: ولا يعطى من ثلثي إلا من قال: القرآن مخلوق.
وروى ابن عدي، عن موسى بن القاسم بن الأشيب، قال: كان ابن الثلجي يقول: ومن كان الشافعي؟ إنما كان يصحب بربر المغني، فلما حضرته الوفاة قال: رحم الله الشافعي، وذكر علمه، وقال: قد رجعت عما كنت أقول فيه.
وقال الحاكم: رأيت عند محمّد بن أحمد بن موسى القمّي، عن أبيه، عن محمّد بن شجاع -كتاب المناسك في نيف وستين جزءًا كبارًا دقاقًا.
قلت: وكان مع هناته ذا تلاوة وتعبد. ومات ساجدًا في صلاة العصر، ويرحم إن شاء الله.
مات سنة ست وستين ومائتين، عن ست وثمانين سنة.
وقال زكريا الساجي: محمّد بن شجاع كذاب احتال في إبطال الحديث نصرةً للرأي.
وقال أحمد بن كامل: كان فقيه العراق في وقته.
وقال أبو الحسن بن المنادى: كان يتفقه ويقرئ الناس القرآن.
مات فجأة في ذي الحجة.
وقال ابن عدي: روى ابن الثلجي عن حبان بن هلال -وحبان ثقة- عن حماد بن سلمة، عن أبي المهزم، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "إن الله خلق الفرس فأجراها فعرقت ثم خلق نفسه منها".
قلت: هذا مع كونه من أبين الكذب هو من وضع الجهمية ليذكروه في معرض الاحتجاج به على أن نفسه اسم لشيء من مخلوقاته، فكذلك إضافة كلامه إليه من هذا القبيل إضافة ملك وتشريف؛ كبيت الله وناقة الله، ثم يقولون: إذا كان نفسه تعالى إضافة ملك فكلامُه بالأولى، وبكل حال فما عدّ مسلم هذا في أحاديث الصفات؛ تعالى الله عن ذلك، وإنما أثبتوا النفس بقوله: {وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} " أ. هـ.
* الجواهر المضية: "وله ميل إلى مذهب المعتزلة" أ. هـ.
* غاية النهاية: "الفقيه الحنفي عالم صالح مشهور متكلم فيه من جهة اعتقاده ... قال ابن عدي: كان يضع أحاديث في التشبيه ينسبها إلى أصحاب الحديث يثلبهم بذلك وكان ينال من أحمد وأصحابه وينتقص الشافعي وكتب في وصيته لا يعطى من ثلثي إلا من قال القرآن مخلوق. قلت: لما حضرته الوفاة رجع عن ذلك