للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويبدو من عنوانه أنه قصائد رثائية تقابل كتابه "درر السمط" النثري.

وقد خلا كتاب "الدرر" من أي رأي من آراء الشيعة، كالقول بالإمامة، والعصمة والأراء الأخرى، كما أنه خلا كما زعمه الصفدي من أن ابن الأبار قد وصف عليًّا - عليه السلام - بالوحي.

وبعد، فإننا إذ نؤكد ما ذهب إليه عبد الله الطباع (١)، وعبد السلام الهراس (٢)، من أن ابن الأبار في كتابه قد بين لنا حبه وتقديسه لآل البيت، دون أن يظهر شيئًا من تشيعه -وهذا أمر لا يستطيع أحد أن يأخذه عليه-، فإننا نؤكد أيضًا أن ابن الأبار من علماء السنة وحفاظها، ولم تظهر في مؤلفاته التي وصلتنا آية نزعة شيعية بل إنه يبرأ من كل مذهب غير حب الله ورسوله وصحابته، فيقول من قصيدة في مدح الرسول - عليه السلام - وصحابته:

نصبت لإخلاصي لهم وتخلصي ... بإرشادهم من حيرة الرفض والنصب

فأتبعت حب الله حب رسوله ... وليس مثاب الواصلين سوى الحب

كذلك فإنه يعلن عن تمسك أهل الأندلس بالسنة ومعاداتهم للشيعة فيقول: "كلا بل دانت للسنة، وكانت من البدع في أحصن جنة، هذه المروانية (٣) مع اشتداد أركانها، وامتداد سلطانها ألقت حب آل النبوة في حبات القلوب، وولت ولم تظفر من خلعة ولا نقلة بمطلوب، إلى المرابطة بأقاصِي الثغور، والمحافظة على معالي الأمور .. من معاداة الشيعة وموالاة الشريعة".

وبعد أن نفينا عن ابن الأبار التشيع، سنتوقف عند بعض الأبيات الشعرية، التي إن فسرناها بظاهرها، حكمنا على ابن الأبار بالإشراك بالله، يقول:

قسمًا بيحيى المرتضى لقد انقضى ... من بأسه مثل الصفاح صفاحا

ويقول أيضًا:

قسمًا به، لولا أمارة نجله ... لغدا الهدى نثرًا بغير نظام

فكما نراه، يقسم بممدوحه، فيحله عل الله، ولو أخذنا بظاهر الأبيات لكفرنا الرجل، ولكننا -لإطمئناننا إلى عقيدته-، نرى أن هذه الآيات مبالغة واضحة أتت في لحظة انفعال دون سابق إصرار لذا فإنها لا يمكن أن تمس عقيدته بسوء" أ. هـ.

قلت: أما قوله (لكفرنا الرجل) حكم على ابن الأبار غير صحيح، فالحلف بغير الله شرك أصغر، لا يفضي إلى الكفر مع عدم الإصرار والاعتقاد. والله أعلم.


(١) انظر مقدمة كتابه عن الحلة السيراء: (ص ٧٨)، وما بعدها.
(٢) انظر مقدمة درر السمط: ص (م- ص).
(٣) المروانية: نسبة لمروان بن الحكم بن أبي العاص المتوفى سنة (٦٥ هـ)، وهو أول من ملك من بني الحكم بن أبي عاص، وإليه ينسب (بنو مروان) ودولتهم (المروانية) أي دولة بني أمية.