للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا محض افتراء على الذهبي، "فإنه وإن كان شديد الإعجاب به، كثير التنويه بعلمه وفضله، قوي الاعتداد بمنهجه القائم على الأخذ بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله الثابتة، والاعتصام بهما، وفهمهما على النحو الذي فهمه السلف- لم يكن معه على وفاق تام، فأحيانًا يأخذ برأيه ويوافقه، وتارة يخطئه ويرد عليه ويقسو في الرد شأن العالم المتبصر المستقل الذي يرى أن كل أحد من أهل العلم يؤخذ من قوله ويترك، فكان ماذا؟ !

وقوله: "وهو من المعتزلة في هذه المسألة" فرية بلا مرية، فإنه رحمه الله متابع في هذه المسألة جمهور أهل السنة، والنصوص الكثيرة الوفيرة تشهد لما انتهى إليه. فهل يكون مجانبًا للصواب. ومعدودًا من المعتزلة في هذه المسألة من يقول: إن لله تعالى حكمة تتعلق به يحبها ويرضاها، ويفعل لأجلها، فهو سبحانه يفعل ما يفعل لحكمة يعلمها، وهو يعلم العباد أو بعض العباد من حكمته ما يطلعهم عليه، وقد لا يعلمون ذلك، والأمور العامة التي يفعلها تكون لحكمة عامة، ورحمة عامة كإرساله محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كما قال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ} وما يشاهد في الوجود من الضرر، فلا بد فيه من حكمة كما قال تعالى {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيءٍ} وكما قال {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيءٍ خَلَقَهُ} والضرر الذي تحصل به حكمة مطلوبة لا يكون شرًّا مطلقًا وإن كان شرًّا بالنسبة إلى من تضرر به. وكلما ازداد العبد علمًا وإيمانًا، ظهر له من حكمة الله ورحمته ما يبهر عقله، وتبين له تصديق ما أخبر الله به في كتابه حيث قال: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} راجع "مجموعة الرسائل والمسائل" ٥/ ١٢٢ وما بعدها ..

وقوله "فلو يدري شيخنا هذا لأضرب عن ذكر هذه المناظرة صفحًا" اتهام للذهبي شيخه بسوء الفهم، وله من ذلك غير ما عبارة، والشيخ الذهبي ليس بحاجة إلى التدليل على جودة ذكائه، ووفور حفظه وفهمه للنصوص على الوجه الصحيح، وقدرته الفائقة على صوغها بأسلوبه الواضح العري عن الغموض والالتواء، فإن في كتابه هذا وغيره من مؤلفاته الكثير من ذلك، ولكن السبكي -وهو لا يرى الحق إلا في ما انتهى إليه الأشاعرة- يتجاهل كل ما ذكرت، وينعت شيخه بسوء الفهم، وأنه يدون ما لا يدري، وأنه لا خبرة له بمدلولات الألفاظ بدافع الحقد والتعصب، وبالرجوع إلى ما كتب في مقدمة هذا الكتاب، وإلى ما كتبه السخاوي في "الإعلان بالتوبيخ" (ص ٧٦، ٧٧) يتبين للقارئ الكريم أن ما يقوله السبكي في حق شيخه الذهبي مرفوض لأنه صادر عن هوى وتعصب" أ. هـ.

* البداية: "شيخ طائفة الاعتزال في زمانه" أ. هـ.

* الوافي: "والجبائي له طائفة من المعتزلة يعتقدون مقالاته يعرفون بالجبائة، وكذلك ابنه هاشم تعرف طائفته بالبهشمية وهما من معتزلة البصرة" أ. هـ.

* الحاكم الجشمي ومنهجه في تفسير القرآن: "ومن أشهر معتزلة البصرة وسائر المعتزلة في جميع الطبقات، ذكر القاضي أنه هو الذي فتق الكلام