للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فأبو الفتح العزيز الإمام الذي إليه الإجتهاد ينسب، أو الأصول فأين ابن الخطيب من الخطيب وهل يقرن المخطيء بالمصيب؟ أو الآداب فإن اقتصرت قلت نابغة زمانه .. " أ. هـ.

قلت: وذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري عن ابن دقيق العيد في مسألة الأسماء والصفات ما نصه: "تقول في الصفات المشكلة أنها حق وصدق على المعنى الذي أراده الله، ومن تأولها نظرنا فإن كان تأويله قريبًا على مقتضى لسان العرب لم ننكر عليه، وإن كان بعيدًا توقفنا عنه ورجعنا إلى التصديق مع التنزيه. وما كان منها معناه ظاهرًا مفهومًا من يخاطب العرب حملناه عليه لقوله {عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} فإن المراد به في استعمالهم الشائع حق الله فلا يتوقف في حمله عليه، وكذا قوله (إن قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن) فإن المراد به إرادة قلب ابن آدم مصرفة بقدرة الله وما يوقعه فيه وكذا قوله تعالى {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} معناه ضرب الله بنيانهم، وقوله {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} معناه لأجل الله وقس على ذلك"أ. هـ.

قلت: علق عليه الحافظ ابن حجر بقوله: "وهو تفصيل بالغ قل من تيقظ له" أ. هـ.

ثم نذكر ما أورده الحافظ ابن حجر في "الفتح" عند شرحه لحديث وفيه: (إن الله لا يستحي من الحق ... ) الحديث قال الحافظ:

(والمراد بالحياء هنا معناه اللغوي، إذ الحياء الشرعي خير كله. وقد تقدم في كتاب الإيمان أن الحياء لغة: تغير وانكسار، وهو مستحيل في حق الله تعالى، فيحمل هنا على أن المراد أن الله لا يأمر بالحياء في الحق، أو لا يمنع من ذكر الحق. وقد يقال: إنما يحتاج إلى التأويل في الإثبات ولا يشترط في النفي أن يكون ممكنًا لكن لما كان المفهوم يقتضي أنه يستحيي من غير الحق عاد إلى جانب الإثبات فاحتيج إلى تأويله، قاله ابن دقيق العيد) أ. هـ.

قال المحقق في تعليقه على قول: ( ... إنما يحتاج إلى التأويل في الإثبات):

(والصواب أنه لا حاجة إلى التأويل مطلقًا، فإن الله يوصف بالحياء الذي يليق به ولا يشابه فيه خلقه كسائر صفاته. وقد ورد وصفه بذلك في نصوص كثيرة فوجب إثبات له على الوجه الذي يليق به. وهذا قول أهل السنة في جميع الصفات الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة، وهو طريق النجاة، فتنبه واحذر. والله أعلم) أ. هـ.

قلت: والذي قاله المحقق هو عينُ الصواب .. والله تعالى الموفق.

وقال صاحب كتاب: (تقي الدين محمّد بن عليّ ابن دقيق العيد، عصره-حياته- علومه- وأثره في الفقه": "كان رحمه الله متصوفًا، سالكًا طريق العقل والحق والهداية فيه، مطبقًا لروح الشريعة ونصوصها، متخلقًا بآدابها بالظاهر والباطن، مؤمنًا بأن التصوف عمل سلوكي وأخلاقي ينبع من أصول الإسلام، فكان يسلك في تصوفه التصوف الحق الذي قوامه: الزهد في الدنيا، ومراقبة الله، وعدم الغفلة عن ذكر الله عز شأنه.

فلم يكن رحمه الله من فريق المتصوفة النظريين، الذين اعتنقوا مذاهب ونظريات هي إلى الفلسفة