العلمية) الطبعة الأولى (١٤١٦ هـ) محمّد بن علان الصديقي الشافعي الأشعري المكي، وكذا في كتابها "الفتوحات الربانية" طبعة المكتب الإسلامي وللدلالة على ذلك -أي أشعريته- نسوق إليك عزيزي القارئ بعض أقواله في كتاب "الفتوحات" حيث قال: "قوله ما يسخطه الخ السخط من الله تعالى إنزال العقوبة كما في مفردات الراكب وفي أمالي ابن عبد السلام غضب الله فيه ثلاث مذاهب قال الشيخ أبو الحسن الأشعري هو صفة ذات وعبر به عن الإرادة وقال القاضي هو صفة فعل وعبر به عن معاداة الغاضب لمن غضب عليه وقال غيرهما هو صفة ذات وعبر به عن سب الله لأعدائه في كتابه فيكون عائدًا إلى صفة الكلام ويجوز فيه كنظائره فتح أوله وضم أوله وسكون ثانيه (قوله والحذر) معطوف إما على مرضاته وهو أولى لسبقه أو على اجتناب لقربه والاجتهاد في الحذر من عذابه بمجانبة الأفعال المؤدية إليه (قوله بالجد) بكسر الجيم أي الاجتهاد (قوله طاعاته) جمع طاعة وهي امتثال الأوامر واجتناب النواهي وسيأتي الفرق بينها وبين القربة والعبادة".
وفي موضع آخر قال: "قوله (ينزل ربنا) قال الإمام مالك وغيره أي ينزل أمره ورحمته أو ملائكته وأيده بعضهم بالحديث الصحيح عن أبي هريرة وأبي سعيد أن الله عزَّ وجلَّ (يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ثم يأمر مناديًا ينادي فيقول هل من داع فيستجاب له) الحديث رواه النسائي وصححه، وقال آخرون: ونسب إلى مالك أيضًا على سبيل الاستعارة، والمراد الإقبال على الداعي بالإجابة واللطف والرحمة وقبول المعذرة، كما هو عادة الكرماء سيما الملوك إذا أنزلوا بقرب محتاجين ملهوفين مستضعفين.
وفي شرح مسلم وشرح محمّد عبد الحق قال القرطبي في التفسير، وهو يرفع الإشكال ويوضح كل الاحتمال وإن الحديث الأول على حذف مضاف أي ينزك ملك ربنا، قال: روي ينزل بضم التحتية وهو مبين ما ذكرناه أ. هـ.
فعلم من هذا الحديث وشبهه من أحاديث الصفات وآياتها مذهبان مشهوران، فمذهب جمهور السلف وبعض المتكلمين الإيمان بحقيقتها على ما يليق بجلاله تعالى، وأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد ولا يتكلم في تأويلها مع اعتقادنا تنزيهه سبحانه عن سائر سمات الحدوث، وفي مذهب أكثر المتكلمين وجماعة من السلف وحكي عن مالك والأوزاعي أنها تتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها فعليه الخبر مؤول بتأويلين وذكر ما قدمته أ. هـ
ومنه كغيره من كلام محققي أئمتنا يعلم أن المذهبين متفقان على صرف تلك الظواهر كالمجيء والصورة والشخص والنزول والاستواء على العرش في السماء عما يفهمه ظاهرها مما يلزم عليه محالات قطعية تستلزم أشياء مكفرة بالإجماع فاضطر ذلك جميع السلف والخلف إلى صرف اللفظ عن ظاهره، وإنما اختلف فيه هل نصرفه عن ظاهره معتقدين اتصافه سبحانه بما يليق بجلاله وعظمته من غير أن نؤوله بشيء آخر وهو مذهب أكثر السلف، وفيه تأويل إجمالي أو مع تأويله بشيء، وهو مذهب أكثر الخلف، وهو تأويل تفصيلي، ولم يريدوا بذلك مخالفة