بكر بن الأنباري يومًا في جامع المنصور ببغداد فقال له يا أبا بكر إن أهل بغداد أجمعوا على أنك بخيل فأعطني درهمًا أخرق به الإجماع فضحك ولم يعطه شيئًا" أ. هـ.
• وفيات الأعيان: "كان صدوقًا ثقة دينًا خيرًا من أهل السنة" أ. هـ.
• المنتظم: "كان صدوقًا فاضلًا دينًا من أهل السنة، وكان من أعلم الناس بالنحو والأدب وأكثرهم حفظًا له" أ. هـ.
• قلت: في مقدمة كتابه (المذكر والمؤنث) للدكتور طارق عبد عون الجنابي -الطبعة الأولى/ بغداد- (١٩٧٨ م). قال: (أما خلقه الإنساني، فما قدح فيه أحد، ولا نالته تهمة، فقد كان موضع إكبار، وحب. وكان ابنًا بارًا مكبرا أباه، فإذا نقل عنه، قال: حدثني أبي، تواضعًا، فإذا نقل عن غيره، قال: حدثنا وأخبرنا بصيغة الجماعة. ونعته ابن النديم بأنه كان ورعًا من الصالحين، لا يعرف له حرمة، ولا زلة، وأنه كان زاهدًا متواضعًا. و"صدوقًا فاضلًا دينًا خيرًا".
وأما خلقه العلمي، وتواضعه، فأمره، مما نفتقر إلى مثله اليوم، فإذا أخطأ، وهو العالم الثبت، لم يمنعه علمه أن يعترف بجرأة، بأنه أخطأ، وينبه على الصواب. وعلى ما كان له في قلوب تلاميذه من إجلال وود، لم يكن منقصة أن يذكر أن واحدًا قد وقف على تصحيف له، فأشار إليه. "حكى أبو الحسن الدارقطني أنه حضره في مجلس أملاه يوم الجمعة، فصحف أسمًا أورده في إسناد حديث، أما كان حبان، فقال: حيان، أو حبان، فقال: حبان. قال أبو الحسن: فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته، وهم، وهبته أن أوافقه على ذلك، فلما انقضى الإملاء تقدمت إلى المستملي، وذكرت له وهمه، وعرفته صواب القول فيه، وانصرفت، ثم حضرت الجمعة الثانية مجلسه، فقال أبو بكر للمستملي: عرف جماعة الحاضرين أنا صحفنا الإسم الفلاني لما أملينا حديث كذا في الجمعة الماضية، ونبهنا ذلك الشاب على الصواب، وهو كذا، وعرف ذلك الشاب، أنا رجعنا إلى الأصل فوجدناه كما قال".
ولم يكن يطعن علي أحد من أقرانه قط في مجلس، وأن ظن أنه خلط في رواية، أو أخطأ في مسألة، حُكي أنأ أبا عمر الزاهد كان مؤدب ولد القاضي أبي عمر محمّد بن يوسف، فأملى على الغلام نحوًا من ثلاثين مسألة في اللغة، ذكر غريبها، وختمها بيتين من الشعر. وحضر أبو بكر بن دريد، وأبو بكر بن الأنباري، وأبو بكر بن مقسم عند القاضي أبي عمر فعرض عليهم تلك المسائل، فما عرفوا منها شيئًا، وأنكروا الشعر. فقال لهم القاضي: ما تقولون فيها؟ فقال ابن الأنباري، أنا مشغول بتصنيف "مشكل القرآن"، ولست أقول شيئًا".
ومضى أبو بكر بن الأنباري في الخالدين، مخلفًا وراءه إرثًا عريضًا من كتب اللغة والنحو، وعلوم القرآن والحديث، والأمال، وغير ما خدم بها العربية خدمة جليلة، وكانت له عنوان ألمعية، وبراعة، وعظمة. وقد توفي في بغداد ليلة عيد النحر من ذي الحجة لسنة ثمان وعشرين وثلاث مئة، ودفن في داره. وزعم الزبيدي أن وفاته كانت سنة سبع وعشرين. وقال القفطي:"وكان الأول أثبت".