يقول:"وقيل أن آزر عم إبراهيم وليس بأبيه وهو قول الشيعة، يزعمون أن آباء الأنبياء لا يكونون كفارا، وظواهر القرآن ترد عليهم ولا سيما محاورة إبراهيم أبيه في غير ما آية".
نفوره عن الفلسفة:
وكان بعيدا عن الفلسفة والاعتزال والتجسيم والتناسخ حتى إنه تعجب من اشتغال أهل مصر بالفلسفة علنا، يقول:"ولما حللت بديار مصر ورأيت كثيرا من أهلها يشتغلون بجهالات الفلاسفة ظاهرا من غير أن ينكر ذلك أحد تعجبت من ذلك إذ كنا نشأنا في جزيرة الأندلس على التبرؤ من ذلك والإنكار له وأنه إذا بيع كتاب في المنطق إنما يباع خفية، وأنه لا يتجاسر أن ينطق بلفظ المنطق إنما يسمونه:(المفعل) حتى إن صاحبنا وزير الملك ابن الأحمر أبا عبد الله محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن الحكيم كتب إلينا كتابًا من الأندلس يسألني أن أشتري أو أستنسخ كتابًا لبعض شيوخنا في المنطق فلم يتجاسر أن ينطق بالمنطق وهو وزير فسماه في كتابه لي بالمفعل".
ولعل هذا يرجع إلى حالة الفلاسفة بالأندلس في عهد أبي حيان وما قبله وما أصابهم من تنكيل، فعندما ظهر ابن رشيد واعتنى بمقالات الفلاسفة وتعظيمهم أغرى به علماء الإسلام بالأندلس حتى أوقع به وضرب وأهين على رؤوس الأشهاد.
وكان أبو حيان يرد على الرازي والزمخشري وغيرهما من علماء المعتزلة (١)، ولا يرى في آرائهم فائدة لأنهم قد ابتعدوا عن ظاهر القرآن وما تنطق به عباراته الواضحة الجلية.
وخلاصة القول إنه كان بعيدا عن الفلسفة والفلاسفة والاعتزال، وإنه كان ينحو منحى أهل السنة والسلف، ومرد ذلك اعتناقه المذهب الظاهري أول الأمر وتمذهبه للشافعي بعد وصوله إلى مصر واشتغاله بالعلم والتفسير" أ. هـ.
وفي صفحة (١٩٥) قالت: "نقل أبو حيان آراء الفرق الصوفية والاعتزالية والإمامية وغيرها واحتج بآراء كثير من الفقهاء واعتمد على أقوالهم في تفسير المسائل الفقهية والأحكام الشرعية" أ. هـ.
قلت: هو أشعري العقيدة لا سيما في الصفات. إمام عصره في النحو واللغة والتفسير. وكان يعظم شيخ الإسلام ابن تيمية فلما اجتمع مع شيخ الإسلام وقع بينهما مسألة نقل فيها أبو حيان شيئًا عن سيبويه فقال له ابن تيمية: هل سيبويه في النحو لقد أخطأ سيبويه في ثلاثين أو ثمانين موضعًا من كتابه لا تعرفها أنت ولا هو فغضب أبو حيان وأعرض عن شيخ الإسلام ورماه في تفسيره النهر -وهو مختصر البحر المحيط- بكل سوء. وعندما كان يقول الشعر في مدح شيخ الإسلام أصبح ينظم الشعر للطعن فيه. وفي تفسيره (النهر الماد) نسب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى التجسيم.
(١) إما الزمخشري فإنه من رؤوس المعتزلة ذلك معروف، واما الرازي -وإن وافق المعتزلة أحيانًا- فإنه عن أئمة الأشعرية الذين قد وقفوا ضد المعتزلة في معتقدهم وأصولهم.