الذي أمرنا بالشرك فالرد عليهم في هذا لا في حصول الشرك بمشيئته. فإنه حق وصدق وبه يقول أهل السنة.
ورد على القدرية عند قوله تعالى: {قَال عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ} [الأعراف: ١٥٦].
وعند تفسيره لقوله تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٧٨)} [الأعراف: ١٧٨].
قال أبو المظفر رحمه الله تعالى: وهذا دليل على القدرية، حيث نسب الهداية والضلالة إلى فعله من غير سبب.
وعند قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: ٩٩].
قال أبو المظفر رحمه الله تعالى في الآية: رد على القدرية، فإنه تعالى أخبر أنه لم يشأ إيمان جميع الناس وعندهم أنه شاء إيمان جميع الناس.
قال أبو المظفر السمعاني رحمه الله تعالى عند تفسيره لقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيهِ مَنْ أَنَابَ} [الرعد: ٢٧] معناه: ويهدي إليه من يشاء بالإنابة، وفي الآية رد على القدرية، والله الهادي إلى الصواب.
وعند قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢)} [الحجر: ١٢].
قال رحمه الله تعالى بعد نقله لأقوال السلف في ذلك: وهو رد على القدرية صريح.
وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (٩)} [النحل: ٩].
قال رحمه الله تعالى: وفيه رد على القدرية.
وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَقَال الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إلا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٣٥)} [النحل: ٣٥].
قال رحمه الله تعالى: وقد احتجت القدرية بهذه الآية ووجه احتجاجهم أن المشركين قالوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا، ثم إن الله تعالى قال في آخر الآية {كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ردا وإنكارا عليهم، فدل على أن الله تعالى لا يشاء الكفر وأنهم فعلوا ما فعلوا بغير مشيئة الله والجواب عنه ذكره الزجاج وغيره، أنهم قالوا هذا القول على طريق الاستهزاء لا على طريق التحقيق، ولو قالوا على طريق التحقيق لكان قولهم موافقًا لقول المؤمنين. وهذا مثل قوله تعالى في قصة شعيب: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (٨٧)} [هود: ٨٧]. فإنهم قالوا هذا على طريق الاستهزاء لا على طريق التحقيق.
وكذلك قوله تعالى في سورة يس: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَال الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} [يس: ٤٧].
وهذا إنما قالوه على طريق الاستهزاء، لأنه في نفسه قول حق يوافق قول المؤمنين، كذلك هاهنا، قالوا ما قالوا على طريق الاستهزاء، فلهذا أنكر الله تعالى عليهم ورد قولهم. والدليل على أن المراد من هذا ما ذكر من بعد وسنبين. . الخ.
ثم قال رحمه الله تعالى عند قوله عزَّ وجلَّ: {فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيهِ الضَّلَالةُ} [النحل: ٣٦].