عبد الله قال: حوّلت أبي والشهداء بعد أربعين سنة فوجدناهم رطابًا يُثبتون، لم يتغيّر منهم شيء.
قال الفسوي: فسمعت سعيد بن منصور يقول: كنّا بالمدينة، فكتب أهل مكة، إلى أهل المدينة بالذي كان من وكيع، وقالوا: إذا قدِم عليكم فلا تتّكلوا على الوالي، وارجموه حتى تقتلوه.
قال: ففرضوا عليّ ذلك، وبلغنا الذي هم عليه. فبعثنا بريدًا إلى وكيع أن لا يأتي المدينة، ويمضي عن طريق الرَّبذَة وكان قد جاوز مفرق الطريقين، فلما أتاه البريد ردَّ ومضى إلى الكوفة.
وقد ساق ابن عَدي هذه الواقعة في ترجمة عبد المجيد بن أبي روّاد، ونقل أنه هو الذي أفتى بقتل وكيع.
وقال: أخبرنا محمّد بن عيسى المَرْوَزي فيما كتب إليّ، ثنا أبو عيسى محمد، نا العباس بن مصعب، نا قتيبة، نا وكيع، نا ابن أبي خالد، فساق الحديث.
ثم قال قتيبة: حدّث وكيع بهذا سنة حجّ الرشيد، فقدّموه إليه، فدعا الرشيد سُفيان بن عيينة وعبد المجيد، فأما عبد المجيد فإنه قال: يجب أن يُقتل، فإنه لم يرو هذا إلا من في قلبه غشٌّ للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال سفيان: لا قتْلَ عليه، رجلٌ سمع حديثًا فرواه. المدينة شديدة الحر. تُوُفي النبي - صلى الله عليه وسلم - فَتُرِكَ ليلتين، لأن القوم كانوا في إصلاح أمر الأمة. واختلفت قريش والأنصار، فمن ذلك تغيَّر.
قال قُتَيبة: فكان وكيع إذا ذكَر فِعل عبد المجيد قال: ذاك جاهلٌ سمع حديثًا لم يعرف وجهه، فتكلَّم بما تكلَّم" أ. هـ.
* تقريب التهذيب: "ثقة حافظ عابد" أ. هـ.
من أقواله: تاريخ الإسلام: "قال إسحاق بن بهلول الحافظ: قدم علينا وكيع، يعني الأنبار، فنزل المسجد على الفُرات. فصِرت إليه لأسمع منه. فطلب مني نبيذًا، فجئته به، فأقبل يشرب وأنا أقرأ عليه. فلمَّا نفذ أطفأ السِّراج، فقلتُ: ما هذا؟
قال: لو زدتنا لزدناك! .
وقال أبو سعيد الأشج: كنّا عند وكيع، فجاءه رجل يدعوه، إلى عُرْسٍ فقال: أثمَّ نبيذ؟ قال: لا! قال: لا نحضرُ عرسًا ليس فيه نبيذ.
قال: فإني آتيكم به، فقام.
قال ابن معين: سأل رجل وكيعًا أنه شرب نبيذًا، فرأى في النوم كأن رجلًا يقول له: إنك شربت خمرًا. فقال وكيع: ذاك الشيطان.
وقال نعيم بن حمّاد: سمعتُ وكيعًا يقول: هو عندي أحلى من ماء الفرات.
ويُروى عن وكيع أن رجلًا أغلظ له، فدخل بيتًا فعفّر وجهه ثم خرج إلى الرجل وقال: زد وكيعًا بذنبه. فلولاه ما سُلطت عليه.
قال أبو هشام الرفاعي: سمعتُ وكيعًا يقول: من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أنه محدث، ومن زعم أن القرآن محدَث فقد كفر.
فيقول: احتج بعض المبتدعة بقول الله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}، وبقوله تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}.
وهذا قال فيه علماء السلف معنا، وأنه أحدث إنزاله إلينا، وكذا في الحديث الصحيح: "إن الله يُحدث من أمره ما شاء وإن مما أحدث أن لا