ويخبره بقصص الأنبياء وغيرهم ويأمرهم وينهاهم، ولما بين الإمام الأعظم الأمر في صفة الكلام من أنه لا يتوقف على حصول المخاطب أراد أن يبين الأمر سائر في الصفات كذلك دفعًا لتوهم اختصاص هذا الحكم بصفة الكلام فقال (وقد كان الله تعالى خالقًا، في الأزل ولم يخلق الخلق) واكتفى بالصفة الفعلية ولم يذكر غيرها من الصفات الذاتية، لأن توقف الصفة الفعلية على وجود المتعلق أظهر من الصفة الذاتية فيعلم حال الصفة الذاتية بالطريق الأولى واختار من الصفات الفعلية التخليق لأنه أعم لوجوده في ضمن كل صفة، ولما دفع الوهم عاد إلى تحقيق ما هو بصدده، فقال (فلما كلم الله موسى كلمه بكلامه الذي له صفة في الأزل) لأن كلامه أزلي أبدي لا يتغير ولا يتبدل، ولما لم تشبه صفاته تعالى صفات الخلق كما لا تشبه تعالى ذاته ذوات الخلق قال الإمام الأعظم (وصفاته كلها) ذاتية كانت أو فعلية (بخلاف صفات المخلوقين) وذلك لأنه تعالى (يعلم لا كعلمنا) لأن علمنا حادث لا يخلو عن معارضة الوهم عليه ... ".
ثم قال: " (ولا نكفر مسلمًا بذنب من الذنوب إن كانت كبيرة إذا لم يستحلها) يعني ولا نكفر مسلمًا بذنب كما يكفر الخوارج مرتكب الكبيرة أما من استحل معصية وقد ثبتت بدليل قطعي فهو كافر بالله تعالى لأن استحلالها تكذيب بالله ورسوله (ولا نزيل عنه) أي عن المسلم الذي ارتكب كبيرة غير مستحل (اسم الإيمان ونسميه مؤمنًا حقيقة) أشار الإمام به إلى أن المسلم يسمى مؤمنًا حقيقة وهذا يدل على اتحاد الإملام والإيمان أي كالظهر والبطن (ويجوز أن يكون) مرتكب الكبيرة (مؤمنًا فاسقًا غير كافر) الفسق هو الخروج عن طاعة الله تعالى بارتكاب الكبيرة قال صدر الشيعة: فالكبيرة كل ما يسمى فاحشة كاللواطة ونكاح منكوحة الأب أو ثبت لها بنص قاطع عقوبة في الدنيا والأخرة، وقالت المعتزلة: مرتكب الكبيرة فاسق لا يجوز أن يكون مؤمنًا ولا كافرًا وأثبتوا منزلة بين المنزلتين أي الكفر والإيمان (والمسح على الخفين سنة) أي ثبت جوازه بالسنة المشهورة فمن أنكره فإنه عليه الكفر لأنه قريب من الخبر المتواتر (والتراويح في ليالي شهر رمضان سنة) هذا رد على الروافض فإنهم أنكروا التراويح والمسح على الخفين ومسحوا على أرجلهم بلا خف".
وقال أيضًا: " (ولكن على معنى الكرامة والهوان) يعني قرب العبد من الله تعالى هو كرامة العبد وكماله وبعد العبد من الله تعالى هوان العبد ونقصانه وإطلاق القرب على الكرامة والبعد على الهوان مجاز مرسل من قبيل إطلاق السبب على المسبب (والمطيع قريب منه بلا كيف) ليس قربه من الله تعالى من طريق قصر المسافة والجهة (والعاصي بعيد منه بلا كيف) أي ليس بعده من الله تعالى من طريق طول المسافة والجهة (والقرب والبعد والإقبال يقع على المناجي) أي يقع على العبد المتذلل لله تعالى المتضرع إليه لا على الله تعالى، ألا ترى أن القرب والبعد على معنى الكرامة والهوان وأن الله تعالى أقرب إلى العبد من حبل الوريد (وكذلك جواره) أي مجاورة المطيع لله تعالى (في الجنة والوقوف بين يديه) أي بين يدي الله تعالى (بلا كيفية) أي ليس هذا على معناه الظاهر بل من المتشابهات. قال