للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نصوص الدين التي تدل على خلاف ما يقول (١).

وفي إشارة مباشرة لمظهر اتخاذ المساجد في أضرحة الأولياء والتبرك بها، واعتبار ذلك شركًا، يرى الشيخ في تفسير الآية {قَال الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيهِمْ مَسْجِدًا} [الكهف: ٢١] أن اتخاذ القبور مساجد منهي عنه أشد النهي وينسب إلى ابن حجر في كتابه (الزواجر) أنه من الكبائر.

ثم يورد الشيخ آثارًا تدل على صحة هذا الحكم إلى أن يقول: "فليعتبر المسلمون اليوم بهذه الأخبار التي لا مرية في صحتها, وليقلعوا عما هم عليه من اتخاذ المساجد في أضرحة الأولياء والصالحين والتبرك بها والتمسح بأعتابها، وليعلموا أن هذه وثنية مقنعة وعود على عبادة الأصنام على صور مختلفة، والعبرة بالجوهر واللب لا بالعرض الظاهر، فذلك إشراك باللهِ في ربوبيته وعبادته وقد حاربه الدين أشد المحاربة، ونعى على المشركين ما كانوا يفعلون" (٢).

٢ - التوسل بالصالحين:

يعتبر الشيخ المراغي التوسل بدعة منكرة في الدين، وقد جاء اهتمامه بإنكار هذا المظهر في الدرجة الثانية بعد القبوريات وتعظيم الموتى.

ومن أمثلة ذلك:

- ما جاء في تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة: ١٤١] , قال:

"لكن غلبة الجهل جعلت الناس يعتمدون في طلب سعادة الآخرة وبعض مصالح الدنيا على كرامات الصالحين وساعدهم في ذلك رؤساء الأديان، فأولوا نصوص الدين اتباعًا للهوى، ومن ثم جاء القرآن يقرر ارتباط السعادة بالكسب والعمل، وينفي الاننفاع بالأنبياء والصالحين لمن لم يقتد بهم في صالح أعمالهم، وقد حاج بذلك أهل الكتاب الذي يفتخرون بأسلافهم ويعتمدون على شفاعتهم وجاههم ليقطع أطماعهم في تلك الشفاعة، وعلينا معشر المسلمين أن نجعل نصب أعيننا ورائدنا في أعمالنا تلك القاعدة -الجزاء على العمل- ولا نغتر بشفاعة سلفنا الصالح وسيلة لنا في النجاة إذا نحن قصرنا في عملنا، فكل من السلف والخلف مجزي بعمله، ولا ينفع أحدًا عمل غيره" (٣).

- وفي تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَينَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [يونس: ٢٢] , قال: "وفي الآية إيماء إلى أن الناس جبلوا على الرجوع إلى الله حين الشدائد، ولكن من لا يحصى عددهم من المسلمين في هذا العصر لا يدعون حين أشد الأوقات حرجًا إلا الميتين من الأولياء والصالحين، كالسيد البدوي والرفاعي والدسوقي والمتبولي وأبي سريع وغيرهم، ويتأول ذلك لهم بعض العلماء


(١) تفسير المراغي (١/ ٢٢٣).
(٢) تفسير المراغي (١٥/ ١٣٤).
(٣) تفسير المراغي (١/ ٢٣٠).