للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

التصوف بالإضافة إلى كون بعضها تغلب عليه عبارة المتصوفة في القرن السابع الهجري (١).

من آراء الجنيد في بعض العقائد:

هذه مقتطفات من آراء الجنيد في بعض العقائديات مأخوذة من كتاب (التعرُّف) لأنَّ الكلاباذي لم يتعرض في كتابه إلا للتصوف مذهبًا.

قال فيمن نثر علوم الإشارة كتبًا ورسائل:

وللجنيد رسائل وكلام كثير في تكذيب من ادعى رؤية الله من الصوفية. وممن قال إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ير ربَّه ليلة الإسراء الجنيد والنوري وأبو سعيد الخراز.

وقال الجنيد والنوري وغيرهما من الكبار فيما أضيف إلى الأنبياء من الزلل:

إن ما جرى على الأنبياء إنما جرى على ظواهرهم، وأسرارُهم مستوفاة بمشاهدات الحق، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: ١١٥].

وقالوا: فلا تصح الأعمال حتى يتقدمها العقود والنيات، وما لا عقد فيه ولا نية فليس بفعل، وقد نفى الله تعالى الفعل عن آدم بقوله: {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: ١١٥].

قال الجنيد: الروح شيءٌ استأثر الله بعلمه، ولم يطلع عليه أحدًا من خلقه، ولا يجوز العبارة عنه بأكثر من موجود لقوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: ٨٥]. وقال الجنيد وسهل وغيرهما من المتقدمين: إن التصديق يزيد ولا ينقص، ونقصانه يخرج من الإيمان، لأنه تصديق بأخبار الله تعالى وبمواعيده، وأدنى شك فيه كفر وزيادته من جهة القوة واليقين، وإقرار اللسان لا يزيد ولا ينقص، وعمل الأركان يزيد وينقص.

قال الجنيد: وسبيل المكاسب لمن ربط به غيره ممن يلزمه فرضه سبيل الأعمال المقربة إلى الله.

ولأبي العباس بن عطاء كتاب في رد الفاني إلى صفاته سماه (عودة الصفات وبدؤها) وأما الكبار منهم والمحققون فلم يروا رد الفاني إلى بقاء الأوصاف منهم الجنيد والخراز والنوري وغيرهم (٢).

الجنيد في كتاب "مدخل إلى التصوف الإسلامي":

يرى الدكتور الغنيمي صاحب كتاب "مدخل إلى التصوف الإِسلامي": أن الجنيد انتمى إلى المحاسبي مؤسس المدرسة الصوفية ببغداد.

قال (٣): وكان أعمق صوفية القرنين الثالث والرابع وأعظمهم خطرًا.

قال: وكان يمثل الجنيد في تصوف عصره اتجاهًا معتدلًا، وإن شئت قلت: يمثل تصوف الفقهاء المستند إلى الكتاب والسنة بشكل ظاهر، ولعل في عبارته التالية ما يشير إلى منهجه في التصوف: من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يُقتدى به في هذا الأمر.

قال: وقد غلب على الجنيد الكلام في دقائق التوحيد وكتب تراجم الصوفية حافلة بالكثير من أقواله في هذا الصدد، فمن ذلك ما يرويه


(١) الإمام الجنيد ص (١٢٧ - ١٢٨).
(٢) نفس المصدر ص (١٢٨ - ١٢٩).
(٣) مدخل إلى التصوف (ص: ١١٣).