قال أبو سعيد بن الأعرابي في كتاب "طبقات النُّسّاك": كان يجلس إلى الحسن طائفة من هؤلاء، وكان هو يتكلم في الخصوص حتى نسَبَتْه القدريّة إلى الجبْر، وتكلم في الاكتساب حتى نسبته السُّنَّة إلى القدر، كل ذلك لافتنانه وتفاوت الناس عنده، وتفاوتهم في الأخذ عنه، وهو بريء من القدر، ومن كل بدعة، فلما تُوُفي تكشَّفت أصحابه وبانت سرائرهم وما كانوا يتوةمونه من قوله بدلائل يُلزمونه بها لا نصًّا من قوله، فأما عمْرو بن عُبيد فأظهر القدر.
وقال عبد الرزّاق، عن معمر، عن قتادة، عن الحسن، قال: الخير بقدر والشر ليس بقدر، هكذا رواه أحمد بن علي الأبار في تاريخه، قال: ثنا مُؤمِّل بن إهاب، ثنا عبد الرزاق قلت: هذه هي الكلمة التي قالها الحسن ثمّ أفاق على نفسه ورجع عنها وتاب منها.
وقال ابن الأعرابي أيضًا: كان عامّة نُسّاك البصرة يأتونه ويسمعون كلامَه، وكان عمرو بن عُبيد، وعبد الواحد بن زيد من المُلازمين له، وكان للحسن مجلسُ خاصٌّ في منزله، لا يكاد يتكلّم فيه إلا في معاني الزُّهد والنُّسُك وعلوم الباطن، فمن سأله إنسانٌ غيرَها تبرم به، وقال: إنما خَلَوْنا مع إخواننا نتذاكر، فأمّا حلقتُه في المسجد فكان يمرّ فيها الحديث، والفقه، وعلوم القرآن، واللغة، وسائر العلوم، وكان ربما يُسأل عن التصوُّف فيُجيب، وكان منهم من يصحبه للبلاغة، ومنهم من يصحبُهُ للإخلاص وعلم الخصوص.
قال أبو زُرعة الرازي: كلُّ شيءٍ قال الحسن قال رسول صلى الله عليه وسلم وجدت له أصلًا ثابتا ما خلا أربعة أحاديث" أ. هـ.
* ميزان الاعتدال: "كان ثقة في نفسه، حجة رأسًا في العلم والعمل، وقد بدت منه هفوة في القدر لم يقصدها لذاتها فتكلموا فيه، فما التفت إلى كلامهم، لأنه لما هو حوقق عليها تبرًا منها" أ. هـ.
* تهذيب التهذيب: "قال حماد بن سلمة عن حميد قرأت القرآن عن الحسن ففسره على الإثبات، يعني على إثبات القدر، وكذا قال حبيب بن الشهيد، ومنصور بن زاذان، وقال رجاء بن أبي سلمة عن ابن عون سمعت الحسن يقول من كذب بالقدر فقد كفر ... " أ. هـ.
* قلت: وقد نقلنا قول الذهبي في غلط هذه النسبة وأن الإمام الحسن البصري قد تبرأ منها ورد عنها، لقصد لم يكن لذاتها ... والله أعلم بالصواب.
* تقريب التهذيب: "ثقة فقيه فاضل مشهور وكان يرسل كثيرًا ويدلس. قال البزار: كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم فيتجوز، ويقول: حدثنا وخطبنا: يعني قومه الذين حُدِّثوا وخُطبوا بالبصرة ... " أ. هـ.
وفاته: سنة (١١٠ هـ) عشر ومائة.
من مصنفاته: كتاب "التفسير للقرآن" روى عنه جماعة، وكتاب إلى عبد الملك ابن مروان في الرد على القدرية.