رضضتهم ومششتهم وهشمت عظامهم والتقمتهم فقوموابنا ننظر إلى تلك الأفاعي المبعوثة لنصرة سلمان، فقام رسول الله وأصحابه إلى تلك الدار وقد اجتمع إليها جيرانها من اليهود والمنافقين لما سمعوا ضجيج القوم بالتقام الأفاعي لهم، فإذا هم خائفون منها، نافرون من قربها، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرجت كلها إليه عن البيت إلى شارع المدينة، وكان شارعًا ضيقًا فوسعه الله تعالى وجعله عشرة أضعافه، ثم نادت الأفاعي: السلام عليك يا محمد يا سيد الأولين والآخرين، السلام عليك يا علي يا سيد الوصيين، السلام على ذريتك الطيبين الطاهرين الذين جعلوا على الخلق قوامين، ها نحن سياط هؤلاء المنافقين الذين قلبنا الله تعالى أفاعي بدعاء هذا المؤمن سلمان قال: رسول الله: الحمد لله الذي جعل من يضاهي بدعائه عند قبضه وعند انبساطه نوحًا نبيه. ثم نادت الأفاعي: يا رسول الله .. قد اشتد غضبنا على هؤلاء الكافرين، وأحكامك وأحكام وصيك علينا جائزة في ممالك رب العالمين، ونحن نسألك أن تسأل الله تعالى أن يجعلنا أفاعي جهنم حتى نكون فيها لهؤلاء معذبين كما كنا لهم في هذه الدنيا ملتقمين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد أجبتكم إلى ذلك فالحقوا بالطبق الأسفل من جهنم، بعد أن تقذفوا ما في أجوافكم من أجزاء أجسام هؤلاء الكافرين ليكون أتم لخزيهم وأبقى للعار عليهم إذا كانوا بين أظهرهم مدفونين، يعتبر بهم المؤمنون المارون بقبورهم، يقولون هؤلاء الملعونون المخزيون بدعاء ولي محمّد سلمان الخير من المؤمنين، فقذفت الأفاعي ما في بطونها من أجزاء أبدانهم، فجاء أهلوهم فدفنوهم، وأسلم كثير من الكافرين، وأخلص كثير من المنافقين، وغلب الشقاء على كثير من الكافرين والمنافقين، فقالوا: هذا سحر مبين. ثم أقبل رسول الله على سلمان فقال: يا عبد الله، أنت من خواص إخواننا المؤمنين، ومن أحباب قلوب ملائكة الله المقربين، إنك في ملكوت السموات والحجب والكرسي والعرش وما دون ذلك إلى الثرى أشهر في فضلك عندهم من الشمس الطالعة في يوم لا غيم ولا قتر ولا غبار في الجو، فأنت من أفاضل الممدوحين بقوله {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيبِ}.
وعند تفسيره لقوله تعالى في الآية (٢١٠) من سورة البقرة {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} يقول ما نصه ( ... قال علي بن الحسين: طلب هؤلاء الكفار الآيات ولم يقنعوا بما أتاهم به منها بما فيه الكفاية والبلاغ، حتى قيل لهم {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} أي إذا لم يقتنعوا بالحجج الواضحة الدامغة، فهل ينظرون إلا أن يأتيهم الله؟ وذلك محال، لأن الإتيان على الله لا يجوز، كذلك النواصب اقترحوا على رسول الله في نصب أمير المؤمنين علي إمامًا، واقترحوا ... حتى اقترحوا المحال وذلك أن رسول الله لما نص على علي بالفضيلة والإمامة، وسكن إلى ذلك قلوب المؤمنين وعاند فيه أصناف الجاحدين من المعاندين، وشك في ذلك ضعفاء من الشاكين، واحتال في السلم من الفريقين من النبي وخيار أصحابه ومن أصناف أعدائه جماعة المنافقين، وفاض في صدورهم العداوة والبغضاء، والحسد والشحناء، حتى قال