ومثلًا عند قوله تعالى في الآية (٥٠) من سورة البقرة: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَينَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} نجده يقول: (قال الله عز وجل واذكروا إذ جعلنا ماء البحر فرقًا ينقطع بعضه من بعض، فأنجيناكم هناك وأغرقنا فرعون وقومه وأنتم تنظرون إليهم وهم يغرقون، وذلك أن موسى لما انتهى إلى البحر أوحى الله عزَّ وجلَّ إليه: قل لبني إسرائيل جددوا توحيدي، وأمروا بقلوبكم ذكر محمّد سيد عبيدي وإمائي، وأعيدوا على أنفسكم الولاية لعلي محمّد وآله الطيبين، وقولوا: اللهم جوزنا على متن هذا الماء، فإن يتجول لكم أرضًا، فقال موسى لك، فقالوا: أتورد علينا ما نكره، وهل فررنا من آل فرعون إلا من خوف الموت، وأنت تقتحم بنا هذا الماء الغمر بهذه الكلمات، وما يدرينا ما يحدث من هذه علينا؟ فقال لموسى كالب بن يوحنا وهو على دابة له -وكان ذلك الخليج أربعة فراسخ- يا نبي الله، أمرك الله بهذا أن تقوله وندخل الماء؟ قال: نعم، قال وأنت تأمرني به؟ قال: نعم، فوقف وجدد على نفسه من توحيد ونبوة محمّد وولاية علي والطيبين من آلهما ما أمر به، ثم قال: اللهم بجاههم جوزني على متن هذا الماء، وإذا الماء قصته كأرض لينة، حتى بلغ آخر الخليج ثم عاد راكضًا، ثم قال لبني إسرائيل: يا بني إسرائيل ... أطيعوا موسى، فما هذا الدعاء إلا مفتاح أبواب الجنان، ومغاليق أبواب النيران، ومستنزل الأرزاق، وجالب على عباد الله وإمائه رضا المهيمن الخلاق. فأبوا وقالوا: لا نسير إلا على الأرض، فأوحى الله: يا موسى .. اضرب بعصاك البحر وقل: اللهم بجاه محمّد وآله الطيبين لما فقلته، ففعل فانفلق وظهرت الأرض إلى آخر الخليج، فقال موسى: ادخلوها، قالوا: الأرض وحلة، نخاف أن نرسب فيها، فقالها الله عزَّ وجلَّ: يا موسى .. قل: اللهم بحق محمّد وآله الطيبين جففها، فقالها فأرسل الله عليها ريح الصبا فجفت، فقال موسى: ادخلوها، فقالوا: يا نبي الله .. نحن اثنتا عشرة قبيلة بنو اثني أبًا، وإن دخلناها رام كل فريق منا تقدم صاحبه ولا نأمن من وقوع الشر بيننا، فلو كان لكل فريق منا طريق على حدة لأمنا ما نخافه، فأمر الله موسى أن يضرب البحر بعددهم اثني عشر ضربة، في اثنتي عشرة موضعًا إلى جانب ذلك الموضع ويقول: اللهم بجاه محمّد وآله الطيبين بين الأرض لنا، وأقصر الماء عنا فصار فيه تمام اثني عشر طريقًا، وجف قرار الأرض بريح الصبا، فقال: ادخلوها، فقالوا: كل فريق منا يدخل سكة من هذه السكك لا يدري ما يحدث على الآخرين، فقال الله عزَّ وجلَّ: فاضرب كل طود من الماء بين هذه السكك، فضرب فقال: اللهم بجاه محمّد وآله الطيبين لما جعلت في هذا الماء طيقانًا واسعة يرى بعضهم بعضًا، فحدثت طيقان واسعة يرى بعضهم بعضًا، ثم دخلوها، فلما بلغوا آخرها جاء فرعون وقومه فدخل بعضهم، فلما دخل آخرهم وهمّ أولهم بالخروج أمر الله تعالى فانطبق عليهم فغرقوا، وأصحاب موسى ينظرون إليهم،