للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال: إن الشافعي لا أعلم تكلم في كتبه بشيء من هذا الفضول الذي قد أحدثوه، ولا أرى امتنع من ذلك إلا ديانة، وصانه الله لما أراد أن ينفذ حكمته، ثم قال: هؤلاء المتكلمون لا تكونوا منهم بسبيل فإن آخر أمرهم يرجع إلى شيء مكشوف ينكشفون عنه، هانما يَتموَّه أمرهم سنة، سنتين، ثم ينكشف، فلا أرى لأحد أن يناضل عن أحد من هؤلاء، فإنهم إن تهتكوا يومًا قيل لهذا المناضل أنت من أصحابه، وإن طلب يومًا طلب هذا به، لا ينبغي لمن يعقل أن يمدح هؤلاء، ثم قال لي: ترى داود هذا؟ لو اقتصر على ما يقتصر عليه أهل العلم لظننت أنه يكمد أهل البدع بما عنده من البيان والآلة، ولكنه تعدى.

لقد قدم علينا من نيسابور فكتب إلي محمد بن رافع ومحمد بن يحيى وعمرو بن زرارة وحسين بن منصور ومشيخة نيسابور بما أحدث هناك، فكتمت ذلك لما خفت من عواقبه، ولم أبدِ له شيئًا من ذلك، فقدم بغداد وكان بينه وبين صالح بن أحمد حسن، فكلم صالحًا أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه، فأتى صالح أباه فقال له: رجل سألني أن يأتيك؟ قال: ما اسمه؟ قال: داود، قال: من أين؟ قال: من أهل أصبهان، قال: أي شيء صناعته؟

قال: وكان صالح يروغ عن تعريفه إياه، فما زال أبو عبد الله يفحص عنه حتى فطن فقال هذا قد كتب إلى محمد بن يحيى النيسابوري في أمره إنه زعم أن القرآن محدث فلا يقربني. قال: يا أبت ينتفي من هذا وينكره، فقال أبو عبد الله: أحمد بن محمد بن يحيى أصدق منه، لا تأذن له في المصير إلي.

أخبرنا الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي. قال: وفي شهر رمضان منها -يعني سنة سبعين ومائتين- مات داود بن علي بن خلف الأصبهاني يكنى أبا سليمان، وهو أول من أظهر انتحال الظاهر، ونفى القياس في الأحكام قولًا، واضطر إليه فعلًا، فسماه دليلًا.

وأخبرني الحسين بن إسماعيل المحاملي -وكان به خبيرًا- قال: كان داود جاهلًا بالكلام.

وأخبرني أبو عبد الله الوراق أنه كان يورق على داود، وأنه سمعه -وسئل عن القرآن- فقال أما الذي في اللوح المحفوظ فغير مخلوق، وأما الذي هو بين النّاس فمخلوق".

وقال أيضًا في تاريخ بغداد: "أخبرني الأزهري حدثنا محمد بن حميد اللخمي حدثنا القاضي بن كامل إملاء، قال حدثني أبو عبد الله الوراق المعروف بجوار. قال: كنت أورق على داود الأصبهاني، وكنت عنده يومًا في دهليزه مع جماعة من الغرباء، فسئل عن القرآن فقال: القرآن الذي قال الله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٩] وقال {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: ٧٨] غير مخلوق، وأما الذي بين أظهرنا يمسه الحائض والجنب فهو مخلوق، قال القاضي: هذا مذهب يذهب إليه الناشئ المتكلم، وهو كفر بالله، صح الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، مخافة أن يناله العدو، فجعل - صلى الله عليه وسلم - ما كتب في المصاحف، والصحف، والألواح وغيرها قرآنا. والقرآن على أي وجه قرئ وتلى فهو واحد غير مخلوق" أ. هـ.

• المنتظم: "قدم داود بغداد فسأل صالح بن