للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الدراسة والاعتناء بالعلم والمسائل وحفظ الوثائق، ثم لزم الانقباض، والاشتغال بنفسه".

وقال: "فقال ابن حارث: كان من أجل الحفظ والفهم، فقيهًا مفتيًا، حسن التصرف. نظرت في مذاهب الناس، وأهل النظر، مع الالتزام لمذهب مالك، وكان صاحبي في كل مجلس علم، وسماع، ومناظرة ...

وانحرف عن كل ما كان عليه من التكلم في الرأي، وذهب إلى العلم الباطن والنسك والعبادة، وتلاوة القرآن، وتفهمه على طريق اهل الإرادة، وصار داعية إليه، فنفع الله به خلقًا كثيرًا .. ".

ثم قال القاضي عياض في ترتيبه ذاكرًا جملة من براهينه وكراماته:

"قيل لأبي الحسن القابسي: هل بلغك أن أحدًا اجتمع مع الخضر - عليه السلام -، قال: نعم، فذكر أنه كان يجتمع مع ربيع في غرفته.

ثم قال: "قال بعضهم: كثيرًا ما كنت أغشى مجلس ربيع، أريد سؤاله عن أشياء تختلج في صدري، فأنصرف. فعلم ما اردت منه دون مسألة.

وهذا خطر ببالي يومًا من بعض كرامات الصالحين، ما هالني واستعظمته. فنظر إلي وقال: قالوا أتعجبن من أمر الله. وقال: حكى ابن يوسف -وكان مختصًا به- عنه، قال: كنت أمشي وحدي في خلاء من الأرض، وبين يدي جبل، فوقع في قلبي شيء من القرب إلى الله تعالى. فخشيت أن تكون نفسي سخرت. وأنه ليس من الحق. فقلت: اللهم أن كان هذا شيئًا من قبلك، فأرني برهانه، لئلا أشك فيه لتطمئن إليه نفسي.

فنظرت إليه، فإذا الجبل كله ذهب، يلوح. فنظرت إليه، ثم أعرضت عنه. وقال إبراهيم بن مسرور: وفي سري الحاجة ضقت بها. فبينما أنا نائم أقبل إلى شخص عليه بردة، ورائحة طيبة. فقال: ما لك ضقت لحاجتك. اذهب إلى الوالي، فإنه يجريها الله على يديه. قلت: ومن الوالي؟ قال: الوالي كما ذكرت لك. فكررت عليه. فقال: هو ربيع القطان، فاذهب إليه، وبشره بالولاية. فأتاه فبشره. فقال له ربيع: أما علمت يا أخي أن المؤمنين كلهم أولياء الله".

ثم ذكر في الترتيب بقية أخباره ووفاته فقال: "وكان ربيع رحمه الله تعالى، ممن عقد الخروج لغزو الروافض. وجد في ذلك، كما قدمناه، في أخبار الممسي، فقتل شهيدًا، رحمه الله تعالى، في وادي المالح، في حصار المهدية، لسنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. وكان أبو علي بن الكاتب العابد، يقول: ما رأيت ربيعًا قط إلا ورأيت دم الشهادة يلوح على وجهه. قال القابسي: وكانت رغبة بني عبيد ورجالهم أخذ ربيع حيًّا، ليشفوا من نفوسهم. فلما لقوه في القتال، أقبل وهو يطعن فيهم، ويضرب وهم يتوقفون عنه، رجاء أخذه. فلما أثخنهم بالضرب حملوا عليه، فقتلوه. وأخذوا رأسه، ومضوا به إلى إمامهم، فطيف برأسه.

قال بعضهم: رأيت السيف يثخن فيه، وهو يقول: قد وهن المشركون يقتلون المؤمنين. وما ولى دابرًا حتى قتل" أ. هـ.

* رياض النفوس: "كان حافظًا لكتاب الله عز