المناظرة، وفهم القرآن والمعرفة بمعانيه.
قال ابن الحارث: ألفّ الشيخ أبو عثمان: سعيد بن الحداد تأليفًا رد به على الشافعي، وبعث به إلى المزني وابن أبي سعيد، فلما ورد على المزني رآه وسكت، فجعل رجل من البغداديين يحركه في جوابه، والمزني يُعرض عنه، فلما كثر عليه رمى إليه بالكتاب، وقال: (أما أنا فقرأته وسكتُّ فمن كان عنده علم فليتكلم).
وقال المالكي: كان سعيد بن الحداد معظمًا لمالك، ويسئ الرأي في أبي حنيفة وأصحابه، وروى عنه أنه قال: (تذكرت بقلي مسائل لأبي حنيفة، ركب فيها المحال اضطرارًا نحوًا من أربعمائة مسألة).
وكان - رضي الله عنه - لا يدخل على السلاطين، ولا يسير إلى الشيعي حتى يوجه إليه ولما بعث فيه وفي أصحابه ودخل عليه قال: أين أصحابك؟ قال: (هم أولاء على أثري) وتكلّم معه يومًا، فغضب عليه من كلامه رجل من كتابه يعرت بأبي موسى شيخ المشايخ وقام إليه بالرمح، فمنعه أبو عبيد الله من ذلك، ثم عطف على أبي عُثمَان وقال له: يا شيخ لا تغضب أتدري إذا غضب هذا الشيخ يغضب لغضبه اثنا عشر ألف سيفِ؟ فقال له أبو عُثمَان: ولكني أنا يغضب لغضبي: الله الواحد القهار الذي أهلك عادا وثمود وأصحاب الرسّ وقرونًا بين ذلك كثيرًا.
وقال أبو الأسود: (موسى القطان: لو سمعتم سعيد بن محمّد في تلك المحافل يعني مناظرته للشيعي -وقد اجتمع له جهارة الصوت، وفخامة المنطق، وفصاحة اللسان، وصوابة المعاني- لتمنيتم أن لا يسكت).
ويحكى أن أبا عبد الله الشيعي قال له يومًا: إن القرآن يقول: إن محمدًا ليس بخاتم النبيين! فقال له: وأين ذلك؟ قال في قوله: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} وخاتم النبيين غير رسول الله، فقال له: هذه الواو ليست من واوات الابتداء؛ وإنما هي من واوات العطف، كقوله: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ} فهل أحد يوصف بهذه الصفات غير الله؟ " أ. هـ.
من أقواله: الوافي: "وكان يقول: سل ربك العافية من بلاء يضطرك إلى معصية.
وسئل عن الإسلام فقال: هو الانقياد، والإيمان: هو التصديق".
في السير: "التقليد: هو من نقص العقول أو دناءة الهمم.
- القرب من السلطان في غير هذا الوقت حتف من الحتوف فكيف اليوم؟
- ما صد عن الله مثل طلب المحامد، وطلب الرفعة".
قلت: لقد وقعت في هذه الترجمة عدة أوهام لمن ترجم لهذا الإمام وهي كالآتي:
أولًا: أورد الخشني في كتابه "قضاة قرطبة وعلماء إفريقية" ترجمتين الأولى صفحة (٢٠١)، والثانية (٢٥٧)، ثم إنه لم يذكر وفاة أي منهما. والذي يتضح أن الترجمتين لرجل واحد، وذلك من متابعة ترجمة ابن الحداد، شيخ المالكية.
ثانيًا: أما ياقوت فقد أورد ترجمة واحدة لـ (ابن الحداد) في معجم الأدباء (٣/ ١٣٧٣) ذكر فيها