كان مقدما، مسموع الكلمة عند المأمون ثم المعتصم ثم الواثق ثم المتوكل، وفلج في أيام المتوكل؛ وعزل، وصودر وأخذ منه مال جزيل، مذكور في الأصل.
ومما لم يذكر في الأصل: أن الواثق أمر ألاّ يرى أحد من الناس الوزير محمد بن عبد الملك الزيات إلا قام له، وكان بين الوزير وبين القاضي ابن أبي دؤاد وحشة، فكان ابن أبي دؤاد إذا رأى ابن الزيات .. قام مستقبلا، وأحرم بركعتين، فقال ابن الزيات:[من الكامل]
صلّى الضحى لمّا استفاد عداوتي ... وأراه ينسك بعدها ويصوم
لا تعد من عداوة مسمومة ... تركتك تقعد تارة وتقوم
وهو أول من ابتدأ الخلفاء بالكلام، وكانوا قبله لا يكلمون حتى يبدءوا هم بالكلام.
أمر المعتصم بضرب عنق محمد بن الهجم البرمكي، وقد أقيم في النطع، وشد رأسه، وهزّ له السيف، فقال ابن أبي دؤاد للمعتصم: وكيف تأخذ ماله إذا قتلته؟ قال: ومن يحول بيني وبينه؟ ! قال: يأبى الله، ويأباه رسوله صلّى الله عليه وسلم، ويأباه عدل أمير المؤمنين؛ فإن المال للوارث إذا قتلته حتى تقيم البينة على ما فعله، وأمره باستخراج ما اختانه أقرب عليك وهو حي، فقال: احبسوه حتى يناظر، فأخر أمره على مال حمله، وخلص بلطف الله تعالى.
قال أبو العيناء: حسد أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي، واحتيل عليه حتى شهد عليه بجناية وقتل عند الأفشين، فأخذه ببعض أسبابه، وجلس له، وأحضر السياف ليقتله، فبلغ ابن أبي دؤاد الخبر، فركب في وقته مع من حضر من عدوله، ودخل على الأفشين، وقد جيء بأبي دلف ليقتل، فقال ابن أبي دؤاد للأفشين: أنا رسول أمير المؤمنين إليك، وقد
(١) «تاريخ الطبري» (٩/ ١٩٧)، و «تاريخ بغداد» (٤/ ٣٦٥)، و «المنتظم» (٦/ ٤٧٧)، و «الكامل في التاريخ» (٦/ ١٤٩)، و «وفيات الأعيان» (١/ ٨١)، و «سير أعلام النبلاء» (١١/ ١٦٩)، و «تاريخ الإسلام» (١٧/ ٤٠)، و «الوافي بالوفيات» (٧/ ٢٨١)، و «مرآة الجنان» (٢/ ١٢٢)، و «البداية والنهاية» (١٠/ ٧٦٧)، و «شذرات الذهب» (٣/ ١٧٩)