مصر .. اشترى بذلك أراضي مزدرعة بمصر، وكان يحمل مغلها كل سنة إلى المدينة، فيقسم على كل من بها من متوطن ومجاور؛ من رجل وامرأة، وصبي وبالغ، وحر وعبد بحيث يصل إلى كل واحد من أهل المدينة كفايته من الحنطة، فحصل بذلك النفع العام لأهل المدينة، وحمدوه في فعله، وأراد أن يجعل ذلك كسماط الخليل المستمر بالقدس، ولم يزل جاريا إلى أن توفي.
ولم يزل بعد وفاته تارة يسبرونهم، وتارة يقطعونهم، وتارة يسبرونهم بالبعض؛ وذلك لاستيلاء أيدي الخونة على الأراضي المذكورة.
واحترق الحرم الشريف النبوي في زمنه في سنة ست وثمانين وثمان مائة، فعمره على يد الخواجا بن الزمن عمارة جيدة على ما هو عليه الآن، وصرف عليه مالا جزيلا.
وبالجملة: فلم يل بعده مثله.
وتوفي سنة إحدى وتسع مائة في ذي الحجة.
٤٣٦٦ - [أبو شكيل ابن الطاهر](١)
محمد بن الطاهر بن عبد الرحمن بن القاضي محمد بن مسعود أبو شكيل الأنصاري.
ولد بعد وفاة جده بقليل في سنة اثنتين وسبعين وثمان مائة، وتوفي والده وهو ابن سنة، فنصب عليه والدي الفقيه عبد الله بن أحمد بامخرمة، فعلمه القرآن وأدبه وهذبه، ونشأ في طلب العلم وتحصيل الكتب شراء وتنسيخا، وبخطه حضر دروس الوالد.
وقرأ عليّ «صحيح البخاري» وغيره، وقرأ على الشريف حسين بن الصديق الأهدل «العدة» للجزري وغيرها، وأجازه الشريف المذكور إجازة عامة، وقرأ على الفقيه يعقوب الحبّاني.
وكان له حسن ظن، وعقيدة في متصوفة الوقت، وفيه حسن أخلاق وكرم نفس.
حج في سنة إحدى وتسع مائة، وقرأ على شيخنا الإمام عبد الله با كثير «عقيدة النسفي» يقينا وغيرها ظنا، واستجاز منه ومن الشريف السمهودي وغيره من فقهاء الحرمين الشريفين.