وفيها-أو في سنة ثمان وعشرين-: توفي أبو إسحاق السبيعي، وبكير بن الأشج، ومنصور بن زاذان، وأبو عثمان سعيد بن هاني الخولاني.
***
[السنة الثامنة والعشرون]
فيها: ظهر الضحاك بن قيس الخارجي الحروري الشيباني، فدخل الكوفة وبها عبد الله بن عمر بن عبد العزيز واليا على العراق ومخالفا لمروان، فحاربه وانهزم عبد الله بن عمر إلى واسط، ثم بايع الضحاك ودخل في جملة أصحابه، ثم إن سليمان بن هشام بعد هزيمته من مروان لحق بالضحاك الخارجي، فصاروا يدا واحدة، وقتل الضحاك متولي الموصل، واستولى عليها وكثرت جموعه حتى قيل: بلغت عدته مائة ألف وعشرون ألفا، وأغار على البلاد حتى بلغت خيله نصيبين، فخافه مروان فسار إليه بنفسه، فالتقيا بنصيبين أو بأرض كفر توثا، فأشار على الضحاك أصحابه أن يتقهقر، فقال: ما لي في دنياكم من حاجة وقد جعلت لله علي إن رأيت هذا الطاغية أن أحمل عليه حتى يحكم الله بيننا، وعلي دين سبعة دراهم معي منها ثلاثة دراهم، فدارت الحرب بينهم إلى آخر النهار، وقتل الضحاك في المعركة، ولم يعلم بقتله أحد من الفريقين في نحو ستة آلاف من الفريقين أكثرهم من الخوارج، ولما علم أصحاب الضحاك بقتله .. نصبوا مكانه الخيبري، وبايعوه وعادوا للقتال ومعهم سليمان بن هشام، فانهزم مروان، وثبت الله أمر ميمنته وهو ابنه عبد الله، وأمر ميسرته وهو مسلم بن عقيل، وملك الخيبري مخيم مروان، وقعد على سريره، فأحاط به نحو ثلاثة آلاف من أصحاب مروان، فقتلوه وقتلوا أصحابه في حجرة مروان وحولها، وبلغ الخبر مروان وقد جاوز ستة أميال منهزما، فانصرف إلى عسكره بعد أن قام بأمر الخوارج شيبان، فتحير بهم وخندقوا على أنفسهم، فجاء مروان فنازلهم وقاتلهم عشرة أشهر، كل يوم راية مروان مكسورة، وكانت فتنة هائلة تشبه فتنة ابن الأشعث مع الحجاج، ثم دخل شيبان نحو شهر زور، ثم توجه إلى كرمان، ثم كر إلى ناحية البحرين، فقتل هناك (١).
وفيها: وجه مروان يزيد بن عمر بن هبيرة واليا على العراقين.
(١) «الكامل في التاريخ» (٤/ ٣٤١)، و «البداية والنهاية» (١٠/ ٤٣٨)، و «مرآة الجنان» (١/ ٢٧٠)، و «شذرات الذهب» (٢/ ١٢١).