كان ديّنا تقيا، حافظا للقرآن، حسن الخط والصوت، كان يعلم الأشرف بن المظفر، وكان كثيرا ما يصده عن أمور لا تليق به، فلما توفي .. ترحم عليه وقال: لقد كان يردنا عن كثير مما لا يليق بنا.
والغالب عليه الخير وصحبة الفقيه إسماعيل الحضرمي وأمثاله، وهو الذي عمل الحوض في سفل النقيل الأسفل من النقيلين، وجر إليه الماء.
تزوج في السّمكر، وحدث له بها أولاد، وأقام بها إلى أن توفي في سنة ثمان وسبعين وست مائة.
٣٢٥٢ - [السلطان سالم الحبوضي](١)
السلطان سالم بن إدريس بن أحمد بن محمد الحبوضي، صاحب ظفار.
قتل في أيام المظفر، وذلك أن المظفر كان أرسل بهدية لبعض ملوك فارس، فرمت بهم الريح على ظفار، فاستولى سالم المذكور على الهدية، فكتب إليه المظفر: لم تجر بهذا عادة من أهلك، ونحن نحاشيك في قطع السبيل، وأنت تعلم ما بيننا وبينك، والمكافأة بيننا، غير أنا نتأدب بآداب القرآن؛ فإن الله تعالى يقول:{وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً}، فازداد غلظة، ورجع جوابه يقول فيه: هذا الرسول، فأين العذاب؟ ! فجهز المظفر عليه من عدن جيشا في البحر صحبة الأمير غازي بن المعمار، فوصل إلى ساحل ظفار، ورجع مثل ما راح، فلما رجع ابن المعمار من ظفار .. جهز سالم بن إدريس عسكرا، وسار نحو عدن، فوصل إلى ساحل عدن، ثم رجع والمظفر إذ ذاك في الجند، فاستشاط غيظا، ونزل إلى عدن، وجهز إلى ظفار عسكرا كثيفا، وفرقهم ثلاث فرق: فرقة في البحر، وفرقة في البر في طريق الساحل، وفرقة في طريق النجد طريق حضرموت، فاجتمعت العساكر ببندر ريسوت، ثم ساروا حتى بلغوا عوقد، محلة من محال ظفار، فخرج إليهم سالم بن إدريس في عسكره، فلما اصطدموا .. كانت الهزيمة في أهل ظفار، وقتل سالم في سنة ثمان وسبعين وست مائة، ودخلت عساكر المظفر إلى ظفار، واستولى المظفر على مملكة ظفار.
(١) «السمط الغالي الثمن» (ص ٥٠٥)، و «العقود اللؤلؤية» (١/ ٢٠٧)، و «طراز أعلام الزمن» (١/ ٤٤٢)، و «تاريخ ثغر عدن» (٢/ ٨٣)، و «هدية الزمن» (ص ٩٣).