للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسجد رعاء، فسلموا على الشيخ، ولم يزالوا يأتونه، وعلم به الناس، فوصلوه، وأكثروا زيارته، وبنوا له المسجد والرباط، واجتمع عنده جمع كثير أقاموا الجمعة والجماعة، ولازموا الطريق الشرعية، وصحبه جمع كثير، وتحكموا على يده، فرباهم التربية الشرعية المحققة؛ من الصيام والقيام والزهد والورع، فلما أقبل الناس على الشيخ بالفتوح .. كان يقبله قبول فازع منه، لا يكاد يبيت بيده شيء منه.

كان لا يميز نفسه على أصحابه، ولا حرمته على حريمهم، وإذا وصل إليه فتوح ..

وصل إلى الصغير كما يصل إلى الكبير، حتى إن بعضهم قدّم إليه قليل زبيب لا يكفي الجماعة، فنقعه حتى انحل ماؤه، وشرب كل منهم نصيبه.

ويحكى أن نقيب الفقراء استعمل عدة مصاون لنساء الفقراء (١)، وجعل في واحد منها خيط حرير، فلما رآها الشيخ .. قال: لم عملت لهذا علما دون غيره؟ فقال: جعلته باسم أم الفقراء-يعني زوجة الشيخ-فقطع الشيخ منه الحرير حتى صار دونهن قيمة، وأعطاه زوجته.

وبالجملة: فمناقبه كثيرة.

ولم يزل على أحسن سيرة وسريرة إلى أن توفي في جمادى الآخرة من سنة ثمان وستين وست مائة، ودفن في طرف الرباط، وقام بعده بالرباط الشيخ سليمان بن يحيى، من مشايخ ذي السّفال، وممن صحب الشيخ المذكور.

ورئي الشيخ بعد موته، فقيل له: من استخلفت على أصحابك وموضعك؟ فقال:

الخضر، فلما احتضر الشيخ سليمان .. استخلف صالحا ولد الشيخ علي المذكور صاحب المقداحة على الرباط، فأقام الشيخ صالح مدة، ثم توفي، وبقي الرباط فارغا عن قائم، فكتب أصحاب الشيخ علي إلى محمد ولد الشيخ صاحب المقداحة الآتي ذكره في أول المائة التي بعد هذه) (٢).

٣١٧٩ - [قاضي حماة ابن البارزي] (٣)

إبراهيم بن المسلم بن هبة الله الشافعي الحموي، الإمام قاضي حماة.


(١) المصون-بكسر الميم وسكون الصاد وفتح الواو-: الخمار.
(٢) «السلوك» (٢/ ٢١٥)، وانظر ترجمة محمد ولد صاحب الترجمة (٦/ ٦٣).
(٣) «ذيل مرآة الزمان» (٢/ ٤٥٧)، و «تاريخ الإسلام» (٤٩/ ٢٧٦)، و «العبر» (٥/ ٢٩١)، و «الوافي بالوفيات» (٦/ ١٤٦)، و «مرآة الجنان» (٤/ ١٧٠)، و «المنهل الصافي» (١/ ١٧٦)، و «شذرات الذهب» (٧/ ٥٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>