١٢٤٥ - [السري السقطي] (١)
السري السقطي، أحد أولياء الطريقة، ومعادن أسرار الحقيقة، خال الأستاذ أبو القاسم الجنيد وأستاذه، وتلميذ الشيخ الكبير معروف الكرخي.
يقال: إن السري كان في دكانه، فجاءه معروف الكرخي يوما بصبي يتيم، فقال: اكس هذا، قال السري: فكسوته، ففرح بذلك معروف وقال: بغّض الله إليك الدنيا، وأراحك مما أنت فيه.
قال السري: فقمت من الدكان وليس شيء أبغض إليّ من الدنيا، وكل ما أنا فيه من بركات معروف.
قال أبو القاسم الجنيد: دفع إلي السري السقطي رقعة وقال: هذه خير لك من سبع مائة أوقية؛ فإذا فيها: [من الطويل]
ولما ادعيت الحب قالت كذبتني ... فما لي أرى الأعضاء منك كواسيا
فما الحب حتى يلصق الجلد بالحشى ... وتذبل حتى لا تجيب المناديا
وتنحل حتى لا يبقي لك الهوى ... سوى مقلة تبكي بها وتناجيا
وقال الجنيد أيضا: دخلت على السري السقطي يوما وهو يبكي فقلت: ما يبكيك؟ قال: جاءتني البارحة الصبية فقالت: يا أبت؛ هذه الليلة حارة، وهذا الكوز علقته ههنا، ثم إني حملتني عيناي فنمت، فرأيت جارية من أحسن الخلق قد نزلت من السماء فقلت: لمن أنت؟ فقالت: لمن لا يشرب الماء المبرد في الكيزان، فتناولت الكوز فضربت به الأرض.
قال الجنيد: فرأيت الخزف المكسور لم يرفعه حتى عفى عليه التراب.
وفضائل السري ومحاسنه كثيرة معروفة، رضي الله عنه.
توفي سنة ثلاث-أو ست، أو سبع-وخمسين ومائتين، وقيل: سنة إحدى وخمسين ومائتين.
(١) «حلية الأولياء» (١٠/ ١١٦)، و «تاريخ بغداد» (٩/ ١٨٧)، و «الرسالة القشيرية» (ص ٦٢)، و «صفة الصفوة» (١/ ٢٢٤)، و «سير أعلام النبلاء» (١٢/ ١٨٥)، و «تاريخ الإسلام» (١٩/ ١٥٠)، و «مرآة الجنان» (٢/ ١٥٨)، و «البداية والنهاية» (١١/ ١٧)، و «طبقات الصوفية» للمناوي (١/ ٦١٨)، و «شذرات الذهب» (٣/ ٢٤٠).