للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٧١ - [الخليفة المأمون] (١)

عبد الله المأمون بن هارون الرشيد الخليفة العباسي، كان يكنى أبا العباس، فتكنى في خلافته بأبي جعفر تشبها بالمنصور؛ لجلالته في أنفسهم، وتفاؤلا بطول أيامه، أمه أم ولد، سوداء، يقال لها: مراجل.

كان ذا رأي وعقل، ودهاء وشجاعة، وكرم وحلم، ومعرفة بعلم الأدب وعلوم أخرى.

كان من أذكياء العالم، ومما يحكى من ذكائه وحسن أدبه: أن أباه الرشيد كان يميل إليه أكثر من أخيه الأمين، وكانت زبيدة أم الأمين تغار من ذلك، وتوبخ الرشيد على ميله إلى ابن الجارية، فقال لها على سبيل الاعتذار: سأبين لك من حالهما ما تعذريني به، فاستدعى الأمين وكانت عنده مساويك، فقال له: ما هذه يا محمد؟ قال: مساويك، فقال:

اذهب، ثم استدعى المأمون وقال له: ما هذه يا عبد الله؟ فقال: ضد محاسنك يا أمير المؤمنين، ويروى أنه قال له: مساويء أعدائك يا أمير المؤمنين، وزبيدة تسمع كل ذلك، فقبلت عذره.

وكان قد عهد بالخلافة للأمين، ثم من بعده للمأمون، وجعل للمأمون خراسان وما والاها، وكتب بذلك كتابا، وعلقه بالكعبة، فلما مات الرشيد، وولي الأمين .. خلع أخاه المأمون، وحصل بينهما من القتال ما هو مشهور، وفي غير هذا الموضع مذكور، فقتل الأمين أول سنة ثمان وتسعين، وبويع المأمون بمرو في سادس صفر من السنة المذكورة، وكان قد ترك شعار آل العباس من لبس السواد، وعهد بالخلافة لعلي بن موسى الرضى، وأمر بلبس الخضرة، فخالف عليه بنو العباس ببغداد، وبايعوا عمه إبراهيم بن المهدي، ثم دخل المأمون بغداد، وظفر بإبراهيم وعفا عنه، وامتحن العلماء في آخر عمره، وألزمهم اعتقاد أن القرآن مخلوق.

وتوفي بطرسوس لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثمان عشرة ومائتين بعد أن عهد


(١) «تاريخ بغداد» (١٠/ ١٨١)، و «المنتظم» (٦/ ٦٥)، و «تاريخ دمشق» (٥٦/ ٢١٤)، و «تاريخ الإسلام» (١٥/ ٢٢٥)، و «سير أعلام النبلاء» (١٠/ ٢٧٢)، و «الوافي بالوفيات» (١٧/ ٦٥٤)، و «فوات الوفيات» (٢/ ٢٣٥)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٧٨)، و «النجوم الزاهرة» (٢/ ٢٢٥)، و «تاريخ الخميس» (٢/ ٣٣٤)، و «شذرات الذهب» (٣/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>