للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغداد في سنة أربع وثلاثين .. اختفى الخليفة، وتسللت الأتراك إلى الموصل، وأقامت الديلم ببغداد، وقدّم المستكفي لمعز الدولة التقاديم والتحف، ثم دخل معز الدولة على الخليفة وبايعه، فلقبه الخليفة يومئذ معز الدولة، ولقب أخاه عليا عماد الدولة، وأخاه الحسن ركن الدولة، وأمر أن تكتب أسماؤهم في السكة، واستوسقت (١) المملكة لمعز الدولة، فلما تمكن معز الدولة .. خلع المستكفي من الخلافة وكحله، وذلك أن علما القهرمانة كانت السبب في عزل المتقي وتولية المستكفي، سعت في ذلك حتى بلغت ما أملته، فكافأها المستكفي بأن ملكها أزمة أموره، وجعل إليها الأمر والنهي، والفتق والرتق، فاتفق أن عملت دعوة عظيمة حضرها مقدم الديلم وعدة أمراء، فخاف معز الدولة عليهم، فساء ظنه مع ما علمه من جسارة هذه المرأة وإقدامها على قلب الدول، وكان بعض الشيعة يثير الفتن، فآذاه الخليفة المستكفي وحبسه، فشفع فيه بعض رؤساء الديلم فلم يشفعه، فأحفظه، فأكثر الكلام على المستكفي عند معز الدولة، وكان معز الدولة متشيعا أيضا، فحمل معز الدولة ذلك على عزل المستكفي وكحله، وهو ثالث من كحل من الخلفاء العباسية، ثم أحضروا الفضل بن المقتدر، فبايعوه ولقبوه المطيع لله، فمدة ولاية المستكفي سنة وأربعة أشهر ويومان.

وتوفي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.

١٥٣٦ - [عماد الدولة ابن بويه] (٢)

عماد الدولة أبو الحسن بن بويه-بضم الموحدة، وفتح الواو، وسكون المثناة من تحت، ثم هاء-الديلمي. كان أبوه صيادا ليس له معيشة إلا من صيد السمك، وكان له ثلاثة أولاد، ركن الدولة، ومعز الدولة، وعماد الدولة هذا المترجم له، وهو أكبرهم، وسبب سعادتهم وانتشار صيتهم، والجميع ملكوا واستولوا على البلاد، ملكوا العراقين والأهواز وفارس، وساسوا أمور الرعية أحسن سياسة، ثم لما ملك عضد الدولة بن ركن الدولة .. اتسعت مملكته، وزادت على ما كانت لأسلافه.


(١) استوسقت: أي: اجتمعت؛ أي: اجتمع أمر المملكة لمعز الدولة.
(٢) «المنتظم» (٨/ ٢٥٨)، و «الكامل في التاريخ» (٧/ ١٨٧)، و «وفيات الأعيان» (٣/ ٣٩٩)، و «سير أعلام النبلاء» (١٥/ ٤٠٢)، و «تاريخ الإسلام» (٢٥/ ١٦٢)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٣٢٦)، و «البداية والنهاية» (١١/ ٢٦٣)، و «شذرات الذهب» (٤/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>