بعد أخيه الحسين، فلما توفي ابن الحنفية .. انتقل الأمر إلى ولده أبي هاشم، وكان عظيم القدر، وكانت الشيعة تتوالاه، فحضرته الوفاة بالشام ولا عقب له، فأوصى إلى محمد بن علي المذكور وقال له: أنت صاحب هذا الأمر، وهو في ولدك، ودفع إليه كتبه، وصرف الشيعة نحوه، فوصل سليمان بن كثير ومالك بن الهيثم في جماعة من الشيعة إلى محمد بن علي المذكور وهو بمكة، وأعطوه مالا وكساء، وأخبروه بفعل أبي مسلم وكفاءته وشهامته، فقال لهم محمد: ما أظنكم تلقوني بعد عامي هذا، فإن حدث بي حدث ..
فصاحبكم إبراهيم بن محمد؛ يعني: ولده وقد أوصيته بكم وأوصيتكم به، فانصرفوا من عنده، وكان تحول من الحميمة إلى كداب واتخذها وطنا، فتوفي بها لمستهل ذي القعدة سنة خمس وعشرين ومائة وهو ابن ثلاث وستين سنة، وكان بين وفاة محمد ووفاة أبيه علي بن عبد الله سبع سنين، ولما كتب نصر بن سيّار إلى مروان بن محمد بأنه ظهر بخراسان شخص يدعو إلى إبراهيم بن محمد .. كتب مروان إلى عامله بالبلقاء أن يرسل إليه إبراهيم بن محمد، فأرسل به إليه، فحبسه حتى مات في الحبس، فتحيل بعض الشيعة ودخل عليه الحبس قبل موته كأنه يطالبه بدين له، فقال: إلى أين تأمرني؟ فقال: إلى عبد الله بن الحارثية؛ يعني: أخاه السفاح، فعلموا أنه أوصى له بالخلافة. هذا خلاصة الأمر في مصير الخلافة إلى بني العباس، والله سبحانه أعلم.
٥٩٨ - [زيد بن أبي أنيسة](١)
زيد بن أبي أنيسة-ويقال: إن اسم ابن أبي أنيسة زيد أيضا-الغنوي مولاهم أبو أسامة الجزري الرّهاوي-بضم الراء-لأنه سكن الرها.
سمع الحكم بن عتيبة، وعمرو بن مرة وغيرهما.
وروى عنه عبيد الله بن عمرو الرقي، وعطاء بن أبي رباح وغيرهما.
وتوفي سنة خمس وعشرين ومائة عن أربعين سنة.
وكان أحد علماء الجزيرة وحفاظها، ورأى جماعة من التابعين.
(١) «سير أعلام النبلاء» (٦/ ٨٨)، و «تاريخ الإسلام» (٨/ ١٠٨)، و «تذكرة الحفاظ» (١/ ١٣٩)، و «الوافي بالوفيات» (١٥/ ٤٢)، و «تهذيب التهذيب» (١/ ٦٥٩)، و «شذرات الذهب» (٢/ ١٠٧).