يجلس له ولأخيه، فأجيب إلى ذلك، فجلس الخليفة لهما في قبة التاج، وحضر أرباب المناصب وأتباعهم، وجلس أمير المؤمنين على سدته، ووقف سيف الدولة ابن مزيد صاحب الحلة على يمين السدة وعلى كتفه بردة النبي صلّى الله عليه وسلم وعلى رأسه العمامة وبين يديه القضيب، وخلع على محمد الخلع السبع التي جرت عادة السلاطين بها، وألبس الطوق والتاج والسوارين، وعقد له الخليفة اللواء بيده، وقلده سيفين، وأعطاه خمسة أفراس بمراكبها، وخلع على أخيه سنجر خلعة أمثاله، وخطب لمحمد بالسلطنة في جامع بغداد، وذلك في سنة خمس وتسعين-أو اثنتين وتسعين-وأربع مائة على خلاف في الروايات.
ومرض مرضا طويلا، وتوفي يوم الخميس رابع وعشرين ذي الحجة من سنة إحدى عشرة وخمس مائة بمدينة أصبهان. ولما أيس من نفسه .. أحضر ولده محمودا وقبّله، وبكى كل واحد منهما، وأمره أن يخرج ويجلس على تخت السلطنة، وينظر في أمور الناس، فقال لوالده: إنه يوم غير مبارك يعني من طريق النجوم، فقال: صدقت، ولكن على أبيك، وأما عليك .. فمبارك بالسلطنة، فخرج وجلس على التخت بالتاج والسوارين.
وتزوج الإمام المقتفي لأمر الله فاطمة بنت السلطان محمد المذكور، فدخلت إلى دار الخلافة بالزفاف.
ويقال فيما ذكر لها من المناقب: إنها كان لها التدبير الصائب.
وخلف السلطان محمد المذكور أربعة أولاد: محمود ومسعود وسليمان وطغرلبك، وقام بعده ابنه محمود، وهو ابن أربع عشرة سنة، وكان السلطان محمد قد خلف أحد عشر ألف ألف دينار سوى ما يناسبها من الحواصل، ففرقها ولده محمود في العسكر.
٢١٧٢ - [أبو طاهر اليوسفي](١)
أبو طاهر عبد الرحمن بن أحمد البغدادي، راوي «سنن الدارقطني».
وكان رئيسا، وافر الجلالة.
توفي سنة إحدى عشرة وخمس مائة.
(١) «المنتظم» (١٠/ ١٤٢)، و «سير أعلام النبلاء» (١٩/ ٢٩٧)، و «العبر» (٤/ ٢٤)، و «النجوم الزاهرة» (٥/ ٢١٤).