للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للصلاة، فتآمروا أن يتخذوا ناقوسا أو قرنا أو بوقا أو نارا فكرهوا ذلك؛ لما فيه من موافقة اليهود والنصارى والمجوس، فقال عمر رضي الله عنه: أولا تبعثون رجلا ينادي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «يا بلال؛ قم فناد بالصلاة» (١).

وظاهر هذا أنه مجرد إعلام ليس على صفة الأذان المشروع، ثم رأى عبد الله بن زيد بن عبد ربه في منامه واحدا معه ناقوسا، فقال له: ألا تبيع هذا، فقال: وما تريد به؟ ! قال:

الإعلام بالصلاة، فقال: أولا أدلّك على خير من ذلك؟ إذا أردت الإعلام بدخول وقت الصلاة .. فقل: الله أكبر، الله أكبر ... إلى آخر الأذان المعروف، ثم قال له: وإذا أردت القيام .. فقل: الله أكبر، الله أكبر ... الإقامة إلى آخرها.

فأخبر عبد الله بن زيد النبي صلّى الله عليه وسلم بما رأى، فأمره النبي صلّى الله عليه وسلم أن يلقيه على بلال؛ لأنه أندى منه صوتا-أي: أرفع، وقيل: أحسن-فلما سمع عمر رضي الله عنه أذان بلال .. خرج يجر ثوبه، قال: والذي بعثك بالحق نبيا؛ لقد رأيت مثل الذي رأى، فقال صلّى الله عليه وسلم: «إنها لرؤيا حق» (٢).

قال النووي رحمه الله تعالى: (ولا خلاف أن هذا ليس عملا بمجرد المنام، بل شرعه النبي صلّى الله عليه وسلم إما بوحي وإما باجتهاده على مذهب الجمهور في جواز الاجتهاد له صلّى الله عليه وسلم) (٣).

وفيها: أسلم عبد الله بن سلام الإسرائيلي وسلمان الفارسي، ومات من رؤساء الأنصار: أسعد بن زرارة والبراء بن معرور نقيبان، وكلثوم بن الهدم، ومن صناديد المشركين: العاصي بن وائل، والوليد بن المغيرة.

***

[وفي السنة الثانية من الهجرة]

: في شعبان، وقيل: رجب على رأس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر: حوّلت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، وكان صلّى الله عليه وسلم زار امرأة من بني سلمة، يقال لها: أم بشر، فصنعت لهم طعاما، فحانت صلاة الظهر، فصلى بهم صلّى الله عليه وسلم، فأنزل عليه وهو راكع في الثانية قوله تعالى: {قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها} الآية، فاستدار صلّى الله عليه وسلم واستدارت الصفوف


(١) أخرجه البخاري (٦٠٤)، ومسلم (٣٧٧).
(٢) أخرجه ابن خزيمة (٣٧١)، وابن حبان (١٦٧٩)، وأبو داود (٥٠٠)، والترمذي (١٨٩)، وأحمد (٤/ ٤٣).
(٣) «شرح مسلم» (٤/ ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>