راشد، ويونس بن يزيد وغيرهما، وروى عنه عبد الرحمن بن مهدي، ومسلم بن إبراهيم وغيرهما.
قال الإمام أحمد: لم يكن في زمان ابن المبارك أطلب للعلم منه، وقال أبو إسحاق الفزاري: ابن المبارك إمام المسلمين، وعن سفيان الثوري قال: وددت أن عمري كله ثلاثة أيام من أيام ابن المبارك.
كانت تجارته واسعة، وكان ينفق على الفقراء مائة ألف درهم، ويحج سنة، ويغزو أخرى.
وصل مرة إلى بغداد، فخرج الخلق للقائه، رجالا وركبانا، وكثر الازدحام، وارتفع لذلك الغبار، وهارون ينظر من علّيّة له، وعنده بعض نسائه، فسأل عن سبب ذلك، فقيل له: الإمام عبد الله بن المبارك وصل من مرو، فخرج الناس للقائه، فقالت له المرأة التي عنده: هذا والله الملك، لا ملك أمير المؤمنين الذي لا يجتمعون له إلا بالطبل والطاسة، فقال الرشيد: لقد عجبت أنى وصل هذا العبد إلى هذا الحال العظيم، فرأيته مستمدا من مشكاة النبوة!
وخلا الرشيد يوما بجلسائه في مجلس أنسه .. إذ سمع قعقعة البريد، فأمر بإدخاله، فدخل وأخبره بوفاة عبد الله بن المبارك بمرو، فأمر الرشيد برفع آلة اللهو عن المجلس، وجلس للناس للعزاء، ودخل عليه الناس يعزونه، فعوتب في ذلك فقال: أليس هو القائل: [من البسيط]
الله يدفع بالسلطان معضلة ... عن ديننا رحمة منه ورضوانا
لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل ... وكان أضعفنا نهبا لأقوانا
فمن سمع مثل ذلك من مثل هذا الإمام .. عرف حق السلطان.
توفي عبد الله بن المبارك بهيت بلد على الفرات منصرفا من الغزو سنة إحدى وثمانين ومائة في شهر رمضان، وقيل: توفي في بعض البراري سائحا مختارا للتغرب والخمول بعد لشهرة والجاه العظيم.
٨٦٦ - [عبيد الله الأشجعي] (١)
عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي أبو عبد الرحمن الكوفي.
سمع سفيان الثوري، وعبد الملك ابن أبجر وغيرهما.
(١) «طبقات ابن سعد» (٩/ ٣٣٠)، و «الجرح والتعديل» (٥/ ٣٢٣)، و «تهذيب الكمال» (١٩/ ١٠٧)، و «سير أعلام النبلاء» (٨/ ٥١٤)، و «تاريخ الإسلام» (١٢/ ٢٨٣)، و «تهذيب التهذيب» (٣/ ٢٠).