حدث عن محمد بن عبد الله بن علم الصفار، وأبي سهل بن زياد القطان وغيرهما، وعنه عبد الوهاب بن منده، وأخوه عبد الرحمن بن منده.
وكان إماما في الحديث، ومن مصنفاته «التاريخ» و «المستخرج على صحيح البخاري» و «التفسير المسند» للقرآن.
توفي سنة عشر وأربع مائة.
١٨٠٢ - [الحاكم بأمر الله العبيدي](١)
الحاكم بأمر الله أبو علي منصور بن العزيز نزار بن المعز معد العبيدي، صاحب مصر والشام والحجاز والمغرب.
كان شيطانا مهيبا، خبيث النفس، متلون الاعتقاد، سفاكا للدماء، قتل عددا كثيرا من كبراء دولته صبرا، وأمر بشتم الصحابة، وكتبه على أبواب المساجد، وأمر بقتل الكلاب حتى لم يبق بمملكته منها إلا قليل، وأبطل الفقاع والملوخية والسمك الذي لا فلوس له، وأتى من باع ذلك سرا فقتلهم، ونهى عن بيع الرطب، ثم جمع منه شيئا عظيما فأحرقه، وأباد الكروم، وشدد في الخمور، وألزم أهل الذمة حمل الصلبان في أعناقهم، وأمرهم بلبس العمائم السود، وهدم الكنائس، ونهى عن تقبيل من له ديانة وأمر بالسلام فقط، وبعث إليه عامله على المغرب ينكر عليه، فأخذ في استمالته، وأمر الفقهاء ببث مذهب مالك، ونفى المنجمين من بلده، وحرم على النساء الخروج، فما زلن ممنوعات سبع سنين وسبعة أشهر حتى قتل، وتزهد وتأله على مقتضى مذهبه، ولبس الصوف، وبقي يركب الحمار، ويمر وحده في الأسواق، ويقيم الحسبة بنفسه.
ويقال: إنه أراد أن يدعي الإلهية كفرعون، وشرع في ذلك، فخوفه خواصه من زوال دولته، فانتهى.
وذكر الفاسي في «تاريخه» أنه كتب إلى عامله بالحجاز الشريف أبي الفتوح، وألزمه أن
(١) «المنتظم» (٩/ ١٦٩)، و «وفيات الأعيان» (٥/ ٢٩٢)، و «سير أعلام النبلاء» (١٥/ ١٧٣)، و «تاريخ الإسلام» (٢٨/ ٢٨٣)، و «العبر» (٣/ ١٠٦)، و «مرآة الجنان» (٣/ ٢٥)، و «تاريخ ابن خلدون» (٤/ ٧٧)، و «شذرات الذهب» (٥/ ٦١).