للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جبلا مكة، فكره صلّى الله عليه وسلم ذلك وقال: «أرجو أن يخرج من أصلابهم من يوحد الله» (١).

[[قصة جن نصيبين]]

ثم أخذ راجعا إلى مكة؛ حتى إذا كان بنخلة (٢) .. قام يصلي من جوف الليل، فمرّ به تسعة نفر أو سبعة من جنّ نصيبين؛ مدينة بالشام مباركة، وقيل: إنهم من جنّ نينوى، وإن جنّ نصيبين أتوه بعد ذلك بمكة، كذا قاله ابن إسحاق وغيره؛ أن سماع الجن كان بنخلة عند مرجعه من الطائف.

وفي «البخاري» عن ابن عباس: أن ذلك كان عند انطلاقه في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، فسمعوه وهو يصلي بهم صلاة الفجر (٣).

وفي «صحيح مسلم»: أنه أتاه داعي الجن مرة أخرى بمكة وذهب معه وقرأ عليهم القرآن، وسألوه الزاد فقال: «لكم كلّ عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكلّ بعرة علف لدوابكم»، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «فلا تستنجوا بهما؛ فإنهما طعام إخوانكم الجن» (٤)، ويشبه تكرر اجتماعهم به صلّى الله عليه وسلم.

ولمّا بلغ صلّى الله عليه وسلم في مرجعه من الطائف إلى حراء .. بعث إلى الأخنس بن شريق ليجيره، فقال: أنا حليف والحليف لا يجير، فبعث إلى سهيل بن عمرو، فقال: إن بني عامر لا تجير على بني كعب، فبعث صلّى الله عليه وسلم إلى المطعم بن عدي فأجاره، فلذلك قال صلّى الله عليه وسلم في أسارى بدر: «لو كان المطعم بن عدي حيا [ثم كلّمني] في هؤلاء النّتنى .. لتركتهم له» (٥).

وفي هذه السنة-وهي عشر من المبعث، وخمسين من المولد-تزوّج صلّى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة وبنى بها، ثم تزوج بعائشة بنت أبي بكر، ولم يدخل بها إلا بالمدينة (٦).


(١) أخرجه البخاري (٣٢٣١)، ومسلم (١٧٩٥).
(٢) نخلة: موضع يبعد عن مكة مسيرة ليلة.
(٣) «صحيح البخاري» (٧٧٣).
(٤) «صحيح مسلم» (٤٥٠).
(٥) أخرجه البخاري (٣١٣٩)، وأبو داود (٢٦٨٢)، والبيهقي (٦/ ٣١٩)، وأحمد (٤/ ٨٠)، وغيرهم.
(٦) قال الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (٣/ ١٤١): (والصحيح: أن عائشة تزوجها أولا، وعقده عليها كان متقدما-

<<  <  ج: ص:  >  >>