فيها: وجه الحجاج لحرب شبيب الخارجيّ عتاب بن ورقاء الرباحيّ-بالموحدة-فالتقى شبيبا بسواد الكوفة، فقتل عتاب بن ورقاء وهزم جيشه، فبعث الحجاج لقتال شبيب الحارث بن معاوية الثقفي، فقتل أيضا وانهزم جيشه، فوجه الحجاج أبا الورد البصري فقتل أيضا، فوجه طهمان مولى عثمان فقتل أيضا، ويقال: إن شبيبا هزم للحجاج خمسة وعشرين جيشا.
ودخل شبيب الكوفة في سبعين رجلا ومعه زوجته غزالة، فأتى القصر وقد تحصن منه الحجاج، فقتل من أصحاب الحجاج جماعة، وكانت غزالة نذرت لتصلين في مسجد الكوفة ركعتين تقرأ فيهما (البقرة) و (آل عمران)، فصعدت المنبر فخطبت وصلت، ثم خرجت فلم يتعرض لها أحد، وفي ذلك يقول بعضهم للحجاج:[من الكامل]
هلاّ برزت إلى غزالة في الوغى ... بل كان قلبك في جناحي طائر
وانزعج الحجاج، فخرج بنفسه لقتال شبيب، واشتد القتال وتكاثر الناس على شبيب، فانهزم وقتلت زوجته غزالة وأمه، وحجز بينهم الليل، فسار شبيب إلى ناحية الأهواز وبها محمد بن موسى بن طلحة التيمي، فخرج لقتال شبيب، ثم بارزه فقتله شبيب، وسار إلى كرمان فتقوى، ورجع إلى الأهواز، فوجه عبد الملك لحرب شبيب جندا من الشام عليهم سفيان بن الأبرد، ووجه الحجاج من قبله حبيب بن عبد الرحمن الحكمي، فاجتمع جند الشام وجند الكوفة، فالتقوا بشبيب وجمعه فاقتتلوا أشد القتال، ثم حجز بينهم الظلام، ثم ذهب شبيب وعبر على جسر دجيل، فلما صار على الجسر .. قطع به فغرق، وقيل: نفر به فرسه وعليه الحديد الثقيل من درع ومغفر وغيرهما، فألقاه في الماء، فقال له بعض أصحابه: أغرقا يا أمير المؤمنين؟ ! قال: ذلك تقدير العزيز العليم، فألقاه دجيل ميتا في ساحله، فحمل على البريد إلى الحجاج، فأمر بشق بطنه، فاستخرج قلبه؛ فإذا هو كالحجر ينبو إذا ضرب به الأرض، فشق؛ فإذا داخله قلب صغير كالكرة ينبو إذا ضربت به الأرض، فشق فوجد في داخله علقة دم.
كان إليه المنتهى في الشجاعة والبأس، وأكثر ما يكون في مائتي نفس من الخوارج فيهزمون الألوف.