مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي-من ذي أصبح بطن من حمير- أبو عبد الله الإمام المشهور إمام دار الهجرة.
ولد سنة ثلاث-أو أربع أو خمس-وتسعين بعد أن مكث حملا في بطن أمه ثلاث سنين.
وسمع من نافع، والزهري، وهشام بن عروة، وغيرهم من كبار التابعين.
وروى عنه عبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، ومعن بن عيسى القعنبي، وخلق من الأئمة، وأخذ القراءة عرضا على المقرئ نافع بن أبي نعيم.
وكان رضي الله عنه طويلا جسيما، عظيم الهامة، أبيض اللحية والرأس، قيل: كان له لحية تبلغ صدره، وكان يلبس الثياب العدنية الرفيعة البيض، أثنى عليه العلماء الثناء المرضي.
قال الإمام الشافعي: إذا ذكر العلماء .. فمالك النجم.
وقال ابن عيينة وقد بلغه موت مالك: ما ترك على وجه الأرض مثله.
وقال مالك رحمه الله تعالى: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك.
وقال رضي الله عنه محدثا بنعمة ربه: قل رجل كنت أتعلم منه ومات حتى يجيئني ويستفتيني.
وكان رحمه الله تعالى يعظم حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، لا يحدث وهو في الطريق، ولا وهو مستوفز، وضرب بعضهم لما سأله عن حديث وهو في الطريق، وكان إذا أراد أن يحدث .. توضأ وسرح لحيته، وجلس على صدر فراشه متربعا متمكنا في جلوسه بوقار وهيبة، ثم حدث، وربما بخر بالعود في مجلسه، فقيل له في ذلك، فقال: أحب أن أعظم حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان لا يركب في المدينة مع كبره وضعف سنه؛ تعظيما لها.
قال الواقدي: كان مالك يشهد الصلوات الخمس والجمعة في المسجد، ويشهد
(١) «طبقات ابن سعد» (٧/ ٥٧٠)، و «المعارف» (ص ٤٩٨)، و «تهذيب الكمال» (٢٧/ ٩٢)، و «سير أعلام النبلاء» (٨/ ٤٣)، و «تاريخ الإسلام» (١١/ ٣١٦)، و «العبر» (١/ ٢٧٢)، و «مرآة الجنان» (١/ ٣٧٣)، و «الديباج المذهب» (١/ ٦٩)، و «شذرات الذهب» (٢/ ٣٥٠)، و «شجرة النور الزكية» (١/ ٥٠).