للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بركة العلم .. جدّ المذكور في الاشتغال بطلب العلم حتى صار فقيها كبيرا، عارفا مشهورا فاضلا خصوصا في علم الفلك، وابتنى له المظفر جامع واسط، فدرس فيه.

قال الجندي: (وقيل: إنما بناه لبعض بني الدليل، والله أعلم بالصواب) (١).

ولم أقف على تاريخ وفاته، وغالب ظني أنه كان في هذه العشرين حيا موجودا.

٣١١٤ - [جعفر بن أبي الفهم] (٢)

جعفر بن أبي الفهم الملقب عزّ الدين.

كان أميرا جليلا، نبيها فاضلا أديبا، حسن المحاضرة، حضر مجلس المظفر وفيه طائر قد علم أنه إذا أشير إليه .. غرد وطرب، فأشار إليه المظفر، ففعل ما يعتاد من ذلك، فقال الأمير عزّ الدين في ذلك: [من المنسرح]

أيوسف العصر أنت سلطان ... عبدك فيما يراه حيران

أجابك الطير إذ أشرت له ... أيوسف أنت أم سليمان

وهو الذي أرسله المظفر إلى الخليفة المستعصم بالله بن المستنصر العباسي ببغداد في سنة تسع وأربعين وست مائة، فسار طريق براقش، وسلك الرمل، واتخذ الأدلة من البادية، يحكى أنهم ساروا من براقش إلى العراق أربعة عشر يوما، فحضر مقام الخليفة، وعرض عليه الكتاب، فقرأه الخليفة، وأمر أن يكتب له منشورا، وولاّه اليمن، وقال الخليفة: كم جائزة صاحب اليمن؟ فقالوا: عشرة آلاف دينار وخلعة، فقال الأمير عزّ الدين: وكم جائزة صاحب مصر؟ قالوا: أربعون ألفا، فقال عزّ الدين: لا أقبل لمخدومي دونها، فقال له الوزير: إن إقليم مصر كبير، أكبر من إقليم اليمن، فقال عزّ الدين: ما كان في اليمن من ضعف فأوصاف مخدومي تجبره، فقال له الخليفة: لقد سررنا بمقالتك، ثم قال: أجيزوه بجائزة صاحب مصر، ففعلوا، ثم رجع عزّ الدين بن أبي الفهم إلى اليمن ومعه رسول الخليفة، فلما وصل إلى اليمن .. ألبس المظفر الخلعة، وقرأ له المنشور، وولاه العهد بوكالة المستعصم بالله.


(١) «السلوك» (٢/ ٣٢٢).
(٢) «السلوك» (٢/ ٥٧١)، و «طراز أعلام الزمن» (١/ ٢٨٣)، و «تحفة الزمن» (٢/ ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>