الأمير أن يبدأ؟ -يعني: في العلوم-فقال: بالانصراف، قال: فأقوم؟ قال المعتز: فأنا أخف نهوضا منك، فقام المعتز مستعجلا، فعثر بسراويله وسقط، فالتفت إلى ابن السكيت خجلا قد احمر وجهه، فأنشد ابن السكيت:[من الطويل]
يصاب الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
فعثرته في القول تذهب رأسه ... وعثرته في الرجل تبرا على مهل
فلما كان من الغد .. دخل ابن السكيت على المتوكل وأخبره، فأمر له بخمسين ألف درهم وقال: بلغني البيتان، وأمر له بجائزة.
ومن فوات الإنسان بعثرة اللسان ما اتفق لابن السكيت المذكور، مع أنه محق في ذلك ومأجور.
حكي أنه كان يوما عند المتوكل؛ إذ أقبل المعتز والمؤيد، فقال المتوكل-وكان شديد التحامل على علي بن أبي طالب وابنيه رضي الله عنهم-: يا يعقوب؛ أيما أحب إليك ابناي هذان أم الحسن والحسين؟ فغض ابن السكيت من ابنيه، وأثنى على الحسن والحسين رضي الله عنهما بما هو معروف من فضلهما، وقيل: إنه قال: والله؛ إن قنبرا خادم علي رضي الله عنه خير منك ومن ولديك.
فأمر المتوكل الأتراك فداسوا بطنه، فحمل إلى داره ومات من الغد.
وقيل: إن المتوكل أمر بسل لسانه من قفاه، ففعل به ذلك، فمات في سنة أربع وأربعين ومائتين، رحمه الله، وقيل: في سنة ست وأربعين ومائتين.
١٢٠٩ - [إسحاق بن موسى الخطمي](١)
إسحاق بن موسى بن عبد الله بن موسى الخطمي القاضي أبو موسى.
سمع الوليد بن مسلم، وأنس بن عياض وغيرهما، وروى عنه مسلم وغيره.
وتوفي سنة أربع وأربعين ومائتين.
(١) «الجرح والتعديل» (٢/ ٢٣٥)، و «تاريخ بغداد» (٦/ ٣٥٥)، و «تهذيب الكمال» (٢/ ٤٨٠)، و «سير أعلام النبلاء» (١١/ ٥٥٤)، و «تاريخ الإسلام» (١٨/ ١٧٢)، و «تهذيب التهذيب» (١/ ١٢٨).