للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأس الفتنة وعلى جماعة منهم ممن يخشى أذيتهم، وحفظهم، فلما علم بذلك بقية العبيد .. تفرقوا، وتسوروا الدروب، وتمزقوا كل ممزق، وكانوا نحو أربع مائة، وقبض من خيلهم نحو خمسة وعشرين فارسا (١)، وكادت الجمعة تفوت ولم يصل إلا القليل من الناس، وخطب بها للظافر عامر بن طاهر، واستجار المؤيد حسين ببيت الشيخ الغزالي.

ومن غريب الاتفاق أن الملكين ابني طاهر اتفق دخولهما مدينتي عدن وزبيد والمؤيد في كل واحدة منهما، وذلك دليل تأييدهما، وأن الخطيب خطب خطبة العيد بزبيد يوم الخميس للمؤيد، وخطب خطبة الجمعة ثاني يوم للظافر عامر بن طاهر (٢).

وفي ليلة السبت: تسور جماعة من العبيد السور، واستجار جماعة منهم بمناصب البلد، وخرج الأمير ركن الدين عبد الرحمن بن محمد بن زياد الكاملي إلى باب الشبارق، وكسر قفل الباب، وخرج فارا إلى المجاهد (٣).

وفي ضحى يوم السبت ثاني أيام التشريق: دخل الملك المجاهد علي بن طاهر مدينة زبيد من غير قتال ولا حرب وفي صحبته العلامة شمس الدين يوسف بن يونس الجبائي المقرئ والقرشيون، وانقادت له العرب، وذلت له الأقران، ودانت له العباد، وأمنت به البلاد، وانحسمت به مادة الفساد، وكان في القرشيين طغي وبغي، فانتشروا في البلاد لنهب بيوت العبيد، ويقال: إن الشيخ علي بن طاهر كان قد وعدهم بنهبها، فثار أهل زبيد والعرب الذين بها على القرشيين عصر ذلك اليوم، فقتلوا منهم نحو خمسة عشر نفرا، فضاق القرشيون، ورأوا أنهم إن أمسوا بزبيد .. هلكوا، فلجئوا إلى الأمير زين الدين السنبلي، فاستأذن لهم المجاهد في الفسح، ففعل، فخرجوا مع غروب الشمس مطرودين مدحورين وأهل زبيد يتبعونهم ويصيحون عليهم ويرمونهم بالحجارة من فوق الأسطحة، واستقر الناس بعد ذلك (٤).

***

[السنة الموفية ستين بعد ثمان مائة]

في ربيع الآخر منها: دخل الملك الظافر صلاح الدين عامر بن طاهر مدينة زبيد، فأقام


(١) في «بغية المستفيد» (ص ١٢٣): (نحو خمسة عشر فرسا).
(٢) «بغية المستفيد» (ص ١٢٣).
(٣) «بغية المستفيد» (ص ١٢٤).
(٤) «بغية المستفيد» (ص ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>